تحقيقات وتقارير

“دمي على كفي فهاك” التبرع بالدم.. حصِّن نفسك وساهم في إنقاذ آخر


يتوجس كثيرون من طرقت آذانهم عبارة التبرع بالدم، غير مدركين ما أثبتته الدراسات والتجارب بأن له فوائد صحيّة جمة، أهمها تنشيط النخاع العظمي في إنتاج خلايا دم جديدة تستطيع حمل كمية كبيرة من الأوكسجين إلى أعضاء الجسم الرئيسة، بجانب الوقاية من أمراض القلب، فوق ذلك، يخضع المُتبرع لإجراء فحص طبي للجسم وآخر مُختبري للدم، ولتصحيح المفاهيم الخاطئة في هذا الشأن استطلعت (اليوم التالي) آراء بعض المُتبرعين والطبيب المعني بالأمر داخل بنك الدم المركزي.

()
في السياق، قال ياسر درار (متبرع): هذه هي المرة الثالثة التي أتبرع فيها طوعاً، ومن هنا أناشد كل المُتعافين صحياً التبرع لتجديد خلايا الدم المتراكمة، وينتاب المُتبرع شعور بالسعادة كونه ساهم في إنقاذ حياة أحد المرضى، منوهاً إلى أن عملية النقل تكتمل في غضون دقائق تعقب الإجراءات الروتينية من فحوصات وغيرها. ومن جهته كشف جعفر السيد (متبرع) أنه لن يتردد أبدًا في التبرع ثانية، وأن هذه هي المرة الأولى، وأضاف: “جاء تبرعي هذه المرة نتيجة لدوار خفيف أصابني فجأة، وحين راجعت الطبيب قال لي إن لدي زيادة في معدل الدم لذلك أتيت متبرعاً”. وختم: “حسيت بعيوني فتحوا بعد ما سحبوا مني زجاجة كاملة، وقطعت عهداً مع نفسي بالتبرع كل ثلاثة أشهر، أبتغي الأجر والصحة في آن”.

الفصيلة النادرة
تبرعُك بالدم يعني سلامتك قبل المُساهمة في إنقاذ المصاب، عبارة ابتدر بها المدير الإداري العام لخدمات نقل الدم الاتحادية د.عصام الدين حسن حديثه. وأضاف: الدم هو السائل الحيوي الذي ينقل المواد الغذائية والأوكسجين إلى خلايا الجسم، وفي ذات الحين ينقل ثاني أكسيد الكربون والفضلات إلى الرئتين، وتتم هذه العملية في تناغم مابين أعضاء الجسم والقلب حتى أكسدته ليستفيد منه. وأبان أن مُكوّن الدم لا يُستعاض بغيرهِ عندما يُطلب كعقار أو علاج، كذلك الحال في إجراء العمليات المفتوحة، فلابد من توفير احتياطي من الدم لاحتمال حدوث نزف في الأثناء. وأشار إلى بنك الدم المركزي أبوابه مُشرعة لمن أراد التبرع. ويواصل: التبرع سابقاً كان محصوراً داخل إطار الأسر فقط، وهو غير محبب، لأن الأقارب يخفوْن بعض الحقائق لزوم إنقاذ المريض، وهذا يعرضنا لكثير من المشاكل، أما الآن اتسع الماعون الطوعي ليستوعب عدداً مقدراً من المتبرعين. وزاد: لأن المتطوع القادم يثق بنفسه، وهذا يعد جزءاً من سلامة الدم، لذلك أعددنا السيارات الجوالة لنشر ثقافة التبرع الطوعي. ويناشد محدثي كل البالغين من العمر ما فوق 18 عاماً أن لا يترددوا في تبرعهم إذا وافوا الشروط الصحية المطلوبة.

ويتابع حسن: تتم عملية نقل الدم خلال 10 دقائق ويوضع في زجاجة خصصت لهذا الغرض عبوة 450 ملم، ومن ثم تؤخذ عينات الدم إلى مختبر قسم الأمراض المنقولة بالدم، وبعد التأكد من سلامته يحول قسم المشتقات لفصل مكوناته الأولية، حتى يستفيد ثلاثة أشخاص من زجاجة واحدة في بعض الحالات المعنية، يليه قسم الكرنتينة، حيث فرز الدم حسب فصائلة وهي (A_B_AB_O) أو ما توازيها (Negative) وتُسمى بالفصيلة النادرة لقلة المعنيين بها، وهذه حكمة الله في خلقه، أما قياس (الهيموغلوبين) من الإجراءات المهمة جداً ويتبعه فحص الأمراض المنقولة بالدم، كالأيدز والتهاب الكبد الوبائي بشقية B_C إضافةً إلى مرض الزهري، وتُوجد لدينا أجهزة عالية الحساسية والهدف منها تشخيص الدم بدقة بعد نقلهِ حِفاظاً على سلامة المريض.

قرار تابيتا
لا يزال د.حسن يُذّكر بقيمة التبرع بالدم ومدى فوائده الصحية، ناصحاً من تبرع بزجاجة كل 3 أشهر ابتغى لنفسهِ الصحة أولاً، علماً بأن تكدُس الدم في الجسم يُؤدي إلى كثير من الأمراض كتراكم الحديد في الشرايين، الذي تصاحبه الجلطات، وكذلك أمراض القلب مثل الذبحات. أما في صدد حفظ الدم أمّن على أهمية حفظهِ في التلاجات بعد تعبئتهِ داخل الزُجاج المُعد له، تتراوح فترة حفظهِ ما بين 30 -45 يوماً حسب مانع التجلط داخل الزجاج، ومن بعد يصبح غير صالح للنقل، ما يعني (تتثبط مكوناته ويكون غير فاعل)، ولكن حاجته باستمرار لا تدع فائضا. وأكد إنتاجية بنك الدم التي توفر من (600 – 650) زجاجة في اليوم، أما الثلاجات المعنية بحفظه تتراوح درجة حرارتها ما بين 2-8 درجة مئوية، أجزل الشكر حسن خلال حديثه لتابيتا بطرس مقابل إصدارها قرار مجانية خدمات نقل الدم في العام 2008، وكان وقتها يباع الدم لمن يحتاجه.

بيع الدم
إلى، ذلك كشف حسن عن طريقة معاملة بنك الدم مع المستشفيات. وقال: يتم التعامل معهم عبر دورة متعارف عليها، بتقديم طلب تحدد فيه الكمية المطلوبة مجاناً، قاطعته بمداخلتي: يُقال إن الدم يباع حتى الآن من قبل بعض المؤسسات العلاجية، أجاب: نحن لا نبيعه وإن حدث هذا فيعد سرقة ومخالفة للقانون، لأن الهدف هو مجانية الخدمة، التي تخلِق وفرتهِ، وفي صدد ذلك على المواطن حمايتهِ لأنه المصدر الأساسي لهُ. وختم: كل ما أتمناه هو التفات من يهمهم الأمر لهذا الصرح المهم، وهو يُعنى بحياة الإنسان، إذ نعمل في بيئة غير صالحة، ومساحتهِ لا تفي بالأهداف التي تخص الوفرة والسلامة. وعاتب حسن بعض الإعلاميين في عدم تحري الدقة من المعلومة الصحيحة قبل نشرِها، معلقاً على ما ورد في بعض الصحف بإغلاق مستشفى بسبب وجود دم فاسد وآخر مخلوط، قائلاً: ليس هناك ما يسمى بدم فاسد، ولكن طريقة حفظه خطأ، أما مخلوط هذه فلم أفهم بماذا يُخلط الدم وكيف؟ كان يمكنهم الاستعانة بنا لتوضيح المعلومة، علماً بأننا نُرفق نتيجة مكتوبة مع الدم الصالح للنقل بعد إجراء الفحوصات الكاملة له، وحرق غير الصالح في محارق مُخصصة خارج بنك الدم المركزي، ولابد من إعدامه بطريقة لائقة تحسباً لمعاطبه الصحية.

خالدة ودالمدني
صحيفة اليوم التالي