جعفر عباس

برميلنات أم برلمانات


قال وزير التجارة السريلانكي كينغسلي ويكارماراتاني «أو شيء من هذا القبيل، بالمناسبة فإنّ أي سريلانكي أو تايلندي لا يتألف اسم عائلته من 13 حرفا على الأقل، يكون متجنسا أو مستهبلا»، المهم أن الوزير «أبو اسم طويل» قال: إن السري لانكيين كسالي، لأنهم يفرطون في حشو بطونهم بالطعام، وقال أنه – وعلى سبيل المثال – تتكون وجبة الغداء في مقصف البرلمان في كولمبو من ثلاثة أنواع من الأرز، وستة أصناف من الكري زائدًا الروب بالعسل وتعقبه الحلوى، وأضاف أنَّه يستحيل اكتمال النصاب في جلسات البرلمان عقب تلك الوجبة، لأنّ شخصًا يتناول تلك التشكيلة دفعة واحدة لا يقوى على الحركة، بمعنى أنه يصبح خاملا أو نائما، وإذا حاول أن يشارك في جلسة برلمانية وحاول أن يفتح فمه فإنّ كلامه سيأتي معطونًا بالصلصة والشطة والفلفل والثوم المتخمر مما سيؤدي إلى رفع الجلسة فورًا وتعطيل أعمال البرلمان وفتح أبوابه ونوافذه «للتهوية»!
وأقول للوزير السريلانكي: إن الحال في برلماناتنا أسوأ مما هو عندهم بكثير.. لدينا في كل برلمان أغلبية مطلقة يطبق المنتمون إليها حكمة صلاة الجنازة في جلسات البرلمان.. ففي صلاة الجنازة لا تثريب عليك ولا إثم إذا لم تشارك فيها طالما أن آخرين يشاركون.. وبرلماناتنا «سيم سيم».. يعني نفس الشيء.. حق الكلام بأسلوب ديمقراطي مكفول ويمارسه الجميع. كيف؟ ينام الواحد منهم ويده تستند إلى الطاولة وهي مرفوعة، حتى لا يتم إيقاظه عند التصويت، وحتى لا يفوته التصويت بالموافقة
ولكن أليس من الجائز أن تشارك يده المرفوعة في التصويت ضد الحكومة؟ غير ممكن أو وارد إطلاقًا، لأنّ البرلمانات العربية لا تسمح بالنشاط الهادم ولا تسمح بطرح أي مقترح ضد الحكومة، أما طرح الثقة في الحكومة فممنوع بنص الدساتير والأوامر المؤقتة والفرمانات.
ولعلاج ظاهرة تفشي مرض النوم في البرلمانات العربية فإنني اقترح عدم عقد جلساتها في مبان خاصة، بل تزويد بيت كل نائب بكمبيوتر وربطه بشبكة الإنترنت ليتسنى له أن يقول «نعم» بضغطة بسيطة على زر واحد تقوم بها الخادمة أو أحد العمال أو العيال، وبذلك لن يصاب «نواب الشعب» بالشد العضلي كنتيجة للنوم على الكراسي وأيديهم مرفوعة، ولن يجد نواب «المعارضة» حرجًا في التصويت بـ «نعم» طالما أن ذلك سيتم في السر، أي كتامي من داخل بيوتهم، دون تعريضهم لتهمة «خيانة المبادئ» فالكمبيوتر لا يقوم بإفشاء الأسرار للصحافة وشهادته غير مقبولة أمام أي جهة.. وبذلك يضمن النائب «المعارض» أن الحكومة ستضمن له الفوز في الانتخابات التالية ليدخل برلمان الإنترنت كمعارض وصاحب مبدأ!
عندنا في السودان نائب برلماني يقول: إنه مستقل جدا، وإنه لا يخشى في الحق لومة لائم، ويعارض سياسيات الحكومة ويعادي إسرائيل وأمريكا، ولا هم له سوى الدفاع عن حقوق الناس البسطاء، وقام صاحبنا خلال اليومين الماضيين بافتتاح البيت الأبيض! مو ذاك اللي في واشنطن بل في الخرطوم بحري، فقد شيد بيتا طبق الأصل للبيت الأبيض الأمريكي به 35 غرفة نوم و32 حماما وأربع قاعات لاستقبال الضيوف
ورغم أنني كنت معجبا ببعض مواقفه داخل البرلمان إلا أنني كرهته بعد رؤية ذلك البيت، لأنّ المسافة التي تفصله عن بيتي نحو 500 متر، وقد يصبح مستهدفا من طالبان أو داعش أو القاعدة، فيروح فيها شخص مثلي لونه مثل حظه أسود.
برميلنات من برميل والبرميل يصدر ضجة ع الفاضي