مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : مأمون حميدة.. مراجعة (حجة)


> كأنما جاء قرار ترحيل خدمة حوادث الخرطوم مجزأة إلى مناطق مختلفة لإخلاء المكان قبل أن تصاغ التبريرات التي لا يمكن أن تكون مقنعة بأي حال من الأحوال.
> وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده والي الخرطوم عبدالرحيم محمد حسين، قدم مأمون حميدة وزير الصحة الولائي تبريراً لترحيل خدمة مستشفى حوادث وطوارئ الخرطوم يصلح لاستبقائها وليس ترحيلها.. فكان التبرير حجة عليه.. وحتى لو لم يكن في الخرطوم شرق هذا المستشفى التاريخي لوجب على الحكومة هذي تشييده ليضاف إلى قائمة إنجازات ما بعد عام 1989م.
> ولو كان هناك من يظن أن المواطنين لا يريدون ترحيله لأنهم يريدن الحفاظ على كل ما هو عتيق، فإن السبب الأهم لاستبقائه هو ما أشار إليه الوزير حميدة نفسه.. حينما ذكر الاكتظاظ.. فكان ما ذكره حجة عليه.
> والمستشفى يرمز إلى مرحلة الاحتلال البريطاني البغيض .. لذلك فإن تخليده كمنشأة عتيقة لا يشرف شعباً حراً مثل هذا الشعب .. لكنه الآن كمؤسسة علاجية تقدم خدمة طبية وجراحية يبقى وجوده في هذا المكان مهماً في هذا الوقت و لاحقاً أكثر من أي وقت مضى.
> فالاكتظاظ ماذا يعني يا السيد الوزير..؟؟ الاكتظاظ لا يعني ترحيل المستشفى، بل استبقائها في مكانها لأسباب ملحة جداً.
> ولو تعلم أو لا تعلم فإن في محيط مستشفى الخرطوم وهي مناطق السوق العربي والمقرن وخرطوم شرق وخرطوم غرب والخرطوم (2) والخرطوم (3)، كل هذه المناطق يسكنها ويعمل فيها ويدرس ويقيم في فنادقها ويعبرها الملايين.
> والمستشفى ليست حديقة أو منتزه أو ميدان ألعاب رياضية حتى يقال إن الاكتظاظ يمنع وجودها هنا.. ولا أحد يعلم ويحدد متى سيحتاج إلى اسعافات مستشفى الحوادث.
> ولا يمكن أن يقال بأن من يدخل مناطق الزحمة في الخرطوم فهو آمن من الاصابات والحوادث والامراض المفاجئة.. والشخص بشكل يومي يقضي الساعات داخل الخرطوم في عمله أو مكان دراسته، تضاف إليه المقيمين في الفنادق وساكني أحياء الخرطوم العريقة وهي بالعشرات، وقوات الشرطة بمختلف وحداتها والجيش، كل هؤلاء يحتاجون عند الاصابات والحوادث لاسعافات سريعة.. لكن من ينظر إليهم.؟
> و وزير الصحة بالولاية يقول إن كل الذين يقصدون مستشفى الخرطوم من الأطراف ولذلك رأينا ترحيل الخدمة إليهم حيث يسكنون.
وتلاحظ في هذه الحجة أن الوزير يتحدث فقط عن فئة معينة من الناس هي الموجودة فقط في مساكنها.. وكأن الأقدار لا تأتي إلا في المساكن.. ولكن حينما تأتي إلى الخرطوم لعمل أو دراسة أو إقامة في فندق أو عابراً إلى محلية أخرى أو زائراً في مستشفى خاص، وكل هؤلاء بالملايين، فأنت في حسابات فكرة ترحيل مستشفى الخرطوم لن تصاب بمصيبة تحوجك لاسعافات طبية سريعة جداً ومنها ما يحرر لها أورنيك (8).
> إذن.. المطلوب فقط تشييد المستشفيات والمراكز الصحية في الاطراف وتترك مستشفى الخرطوم لمن أشرنا إليهم هنا وهم _ للمرة الثانية _من يقضون الساعات الطوال من عاملين وأصحاب أعمال ودارسين ومقيمين في عشرات الفنادق وقوات نظامية وعابرين وغيرهم.
> كل هؤلاء يحتاجون إلى توفير مستشفى حوادث بحجم مستشفى الخرطوم بعد أن تشيد المستشفيات في المناطق الطرفية ويستغنى بها السكان هناك عن مستشفى الخرطوم.
> ويقول إن الترحيل شمل مواقف مواصلات ومدارس وجامعات.. ونقول إن ترحيل الخدمة الطبية من الناس يختلف.. طبعاً ولا داعي للمقارنة.. فمن يريد أن يدرس أو يتواصل ليس كمن يصاب فجأة بمصيبة ويحتاج إلى تقرب مستشفى.
> إذن.. لم تأتِ وزارة الصحة الولائية بحجة قوية ولن تأتي إلا إذا ما أخلت الحكومة الخرطوم من المقيمين فيها بالساعات يومياً للدراسة والعمل والمقيمين بالأيام والشهور في الفنادق والعابرين والساكنين.
> ثم لماذا توجد مستشفيات خاصة في قلب الخرطوم ويُضاق ذرعاً بالمستشفيات الحكومية التي تخدم أبناء هذه الشعب وأغلبه من الفقراء؟.
> ويبقى المطلوب هو توفير المستشفيات في الأطراف و استبقاء مستشفى الخرطوم في مكانها دون تطبيق نظرية مراحل نقلها من استاك إلى مستشفى الأسنان.. ولو كان لابد من ترحيلها بنظرية المراحل هذي فلتكن الحوادث في آخر مرحلة للاستعداد للخدمة الطبية لمن ذكرناهم هنا. فهي خدمة استعدادية مطلوب توفيرها مع الاكتظاظ.. ولو لم يصب أحد منه فالحمد لله.
غداً نلتقي بإذن الله…