مقالات متنوعة

ابراهيم الرشيد : القوات المسلحة هي الملجأ


عندما تشتد الخطوب وتحتدم المواقف وتختلف الآراء ويتصارع الزعماء على الحكم، تصبح القوات المسلحة هي الملجأ الآمن، وهي السند الصادق، وهي الجامع لكلمة الأمة والقادة والشعب، هي من يتوافق عليها من يختلفون وهي من يأمن عندها من يظلمون، والقوات المسلحة السودانية كما نعرفها من الداخل اليوم مهما تحدث عنها الناس طاعنين ومشككين في وطنيتها وقوميتها وانتمائها، فالتاريخ والمواقف منذ نشأتها تتحدث وتؤكد نقاء وطنيتها وشفافية قوميتها وصدق انتمائها للوطن وللشعب. فهي كانت سنده في كل الملمات، وهي المنحازة له في كل الصراعات والثورات، وهي الملجأ الآمن له وقت أحلك الظلمات، واليوم هي نفسها تلك المؤسسة العسكرية الوطنية امتداد لتاريخها الذي خطه قدامى المحاربين منذ عهد تهراقا وبعانخي مروراً بالمهدي وود حبوبة وعبد اللطيف الماظ وأحمد محمد وبقية العقد الفريد.
اليوم نرى في الساحة السياسية وجهاز الحكم صراعاً يحتدم واختلافاً على شكل الحكم لم يتفق الناس على مخرج موحد له، وحوار تؤمه أحزاب لا قواعد لها في معظمها تتقمصهم شياطين السياسة ونفاقها وكذبها، وقبضة للحزب الحاكم يرى فيها الآخرون ظلماً بيناً وعدم مساواة بينهم وكبت للحريات. وفي الغابة سلاح يرفع ومتمرد لا يرغب في الجلوس مع نظام حكم يتهمه بأنه أساس المشكلة وعرابها، وقادة كبار في الداخل والخارج نأوا بأنفسهم لا يشاركون في الحوار ولا أظنهم سيقبلون بمخرجاته.
وهكذا يصبح الوضع مائعاً والمستقبل مظلماً والعقوبات مستمرة وعدم الاستقرار واقعاً والحال الاقتصادي متفاقماً، وفي الساحة أكثر من مائة حزب معظمها كذوب منتفع لا قواعد له، وفي الغابة أكثر من ثلاثين فصيلاً يحمل السلاح ولا سلاح له ولا جنود.
إذاَ ما هو المخرج، وما هي الحلول التي ترضي الجميع وتتطلب تنازلات كبيرة من الجميع؟.
هنا يجب أن يلجأ الناس لقواتهم المسلحة فهي كانت ركيزة الحلول عند كل مواقف الحكم المائعة، وهي المبرأة كمؤسسة من التعدي على أي سلطة قامت. فإذا كان الناس بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم السياسية يتفقون على رئيس الجمهورية المشير عمر البشير بأن يكون هو الرئيس لأي شكل من أشكال الحكم يتفق عليه “انتقالي، قومي، جبهة عريضة” يساعده نائبه الأول، فلابد من الاتفاق على شكل حكم يرضي الجميع، دون مشاركة الجميع، متساوياً تحت مظلته الجميع، يكفل الحريات للجميع، يطبق فيه الانضباط على الجميع، وتتاح الفرص فيه متساوية للجميع، يكون ذلك لفترة محددة متفق عليها تنتهي بانتخابات نزيهة وشفافة يتساوى عندها الجميع، تشرف على تنفيذها القوات المسلحة وأي مؤسسات وطنية وإقليمية ودولية يتفق عليها.
كيف نصل إلى ذلك؟؟
أولاً: يتم حل المجالس التشريعية القائمة، اتحادياً ومجلس الولايات والمجالس التشريعية للولايات.
ثانياً: يتم حل الأجهزة التنفيذية القومية والولائية وإلغاء وظائف المساعدين والمستشارين وهلم جرا”.
ثالثاً: يتم تشكيل حكومة تكنوقراط تحت رئاسة البشير من ذوي الخبرة والكفاءة والعلم لا انتماء سياسياً حاداً لهم يتم الاتفاق عليهم.
رابعاً: يكلف قادة الفرق كل من ولايته بإدارة الحكم في الولاية بمساعدة المديرين المتخصصين كل في مجاله والمديرين التنفيذيين في المحليات.
خامساً: تكون إدارة حكم الولايات تحت إشراف النائب الأول لرئيس الجمهورية.
سادساً: يتم تعيين مجلس دفاع وطني تشرك فيه هيئة القيادة العسكرية بثقل تحت رئاسة النائب الأول لرئيس الجمهورية تكون من مهامه وضع السياسات والبرامج وضبط الأمور ومراقبة ومتابعة تنفيذ توجيهات الرئيس.
سابعاً: جميع الأحزاب تنزل إلى قواعدها لتنظيم صفوفها وعقد مؤتمراتها استعدادًا للانتخابات التي يجب أن تكون فاصلة وحاسمة في أمر الأحزاب بين من يستحق الاستمرار في العمل الحزبي ومن يشكر على سعيه وكفى.
ثامناً: تتم مساواة كل الأحزاب بصورة عادلة من ناحية التمويل والإعلام والحريات.
تاسعاً: يتم ترشيد الصرف الحكومي إلى أدنى حد ممكن إذ ان جميع المكلفين او معظمهم خلال هذه الفترة هم أصحاب وظائف لهم مخصصاتهم وامتيازاتهم.
عاشراً: من مهام هذه الحكومة مع مجلس الدفاع الوطني بمعاونة أصحاب الخبرة، تقوم بوضع اللوائح المنظمة لمهام الفترة وضبط المسيرة السياسية والتنفيذية والاقتصادية والدبلوماسية ليتم تقديمها، أي اللوائح، لأول مجلس قومي منتخب لإجازتها.
حادي عشر: وضع حد أدنى من أصوات الناخبين التي ينالها كل حزب من الاحزاب لكي يحق له ممارسة العمل السياسي في المستقبل من عدمه.
أخي القارئ الكريم إنني أرى في هذا الطرح حلاً توافقياً يرضي الجميع، وقد يراه البعض ما هو إلا خطرفة من ضابط متقاعد على المعاش ليس لديه ما يقوم به غير الادلاء بدلوه في كل أمر يطرح وقد يتوافق ذلك مع هوى كثير من الناس الذين يقفون على الرصيف حيرى يلمسون فيه عدالة بين الجميع وفرصاً متساوية بينهم وفاصلاً بين الجد والهزل.
إن الفيصل بيني وبين من يختلفون معي اللجوء الى استطلاعات الرأي لنرى ماذا يقول الشارع.
أخي الرئيس افعلها، والله لن تندم وسيلتف حول ذلك الجميع.