مقالات متنوعة

هنادي الصديق : قرار مفاجئ


* قرار مفاجئ، اتخذه مجلس الوزراء في اجتماعه الدوري أمس الأول يقضي بمعاملة مواطني دولة جنوب السودان المقيمين بالسودان بوصفهم أجانب لدى تلقيهم لخدمات الصحة والتعليم، والأغرب ما في القرار هو تحقق الجهات المسؤولة من هوية الجنوبيين المقيمين بالبلاد واتخاذ الإجراءات القانونية حيال كل من لا يحمل جواز سفر وتأشيرة دخول رسمية خلال أسبوع.
* المفاجأة في القرار تكمن في التحول المفاجئ 180 درجة من قبل حكومتنا تجاه حكومة دولة جنوب السودان التي فاجأتنا قبل أقل من شهرين بقرارات مفاجئة أيضاً، ولكنها إيجابية بفتح الحدود بين البلدين، وتشجيع التجارة مرة أخرى وتسهيل كافة الإجراءات التي تدعم هذا الاتجاه.
* مجلس الوزراء لم يسبب القرار ولكن الشاهد يؤكد أن تيرمومتر العلاقة بين الدولتين لم يثبت على وضع واحد منذ الانفصال قبل قرابة الخمس سنوات.
* وتشير التكهنات إلى أن تسريبات أفادت بتسليح دولة جنوب السودان لجيش الحركة الشعبية التي تدير معاركها مع حكومة السودان بجنوب كردفان تحديداً، حيث ترفض الحكومة بالطبع هذا القرار الذي لا يتماشى مع سياساتها الرافضة لمبدأ وجود جيش الحركة داخل الأراضي السودانية.
* القرار في اعتقادي الشخصي غير موفق، وفي هذه الأيام بالتحديد، فرعايا دولة جنوب السودان بالسودان لا ذنب لهم مما اقترفت حكومتهم إن كانت فعلاً مذنبة، فغالبية أبناء جنوبنا الحبيب (سابقاً) الموجودين بالأراضي السودانية، زحفوا بالآلاف هرباً من جحيم الحرب التي تدور في دولتهم الوليدة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وبالتالي يعتبروا لاجئين إلا إذا أرادت حكومتنا أن تسميهم تسمية أخرى وتسحب عنهم صفة اللجوء.
* وكيف تنظر حكومتنا للرعايا المصريين والسوريين واليمنيين الإثيوبيين الذين اقتربوا من موازاتنا تعداداً؟
* أليسو لاجئين أيضاً أم إن الكيل بمكيالين ما زال هو اساس تعامل حكومتنا مع الكثير من القضايا المصيرية.
* أمر آخر، هل راعت حكومتنا وضعية رعاياها بدولة جنوب السودان، وما قد يتعرضون له من خطر عقب صدور هذا القرار رغم تطمينات حكومة الجنوب بعدم التعامل برد الفعل تجاه هذا القرار.؟
* نتمنى من حكومتنا مراجعة هذا القرار الذي سيؤجج النيران مرة أخرى بين الدولتين، وسيفتح جبهة جديدة لحروبات لا قبل لنا بها على كافة المستويات.
* وأبناء الجنوب شئنا أم أبينا أقرب إلينا من السوريين والمصريين والإثيوبيين وغيرهم من الجنسيات التي (تتحاوم وتقدل) داخل الأراضي السودانية بحرية مطلقة ولم يتبقَّ لها سوى استخراج الرقم الوطني.
* غداً ستتضح الكثير من الخفايا والأسرار، والتعامل بردود الأفعال ليست من السياسة في شئ، ولا تقرب لها من قريب أو بعيد، والسياسي الحصيف هو الذي يضع البيض كله في سلة واحدة دون أن تنكسر منه واحدة.