صلاح احمد عبد الله

دايرين .. زي ديل!؟!


* هذه بضعة حكاوى.. حدثت من سودانيين.. أولاد بلد.. بعيداً عن إعلام شارع المطار.. وبعيداً عن تقاسيم (الإعلانات).. وتلك الأبواق المزمجرة.. بالتهاليل.. والهلولات لأبسط الأشياء..!؟!
* معدنهم أصيل.. وتربيتهم لها جذور ضاربة في أعماق الأرض.. وقصة (الراعي الأمين) معروفة.. تناقلتها الأسافير.. وهي نقطة في بحر زاخر بكريم العادات التي أخرجت للناس جوهر.. وجواهر البحر السوداني.. ومن الصنف السوداني نريد هذا (النوع).. ونتمنى ذات يوم. أن نرى من يتسنم المسؤولية.. ويكون مثلهم.. أو على الأقل يحاول أن يترسم خطاهم.. منها (!؟!):
* (1) الرياض السعودية (….) محاسب في شركة خاصة.. الشهور تمضي.. وثق به صاحب العمل.. صار توقيعه معتمداً لدى البنك (….) بقلب الرياض.. ذهب لإحضار المرتبات.. (عمر) الصراف الباكستاني سلمه قيمة الشيك بالريال السعودي.. (100) ريال.. حملها وذهب إلى شركته.. في نهاية يوم الأربعاء.. (رزمة) وسط أوراق حقيقية..!!
* عرف أن الصراف الباكستاني أعطاه بالخطأ مبلغاً إضافياً كان الخميس عطلة.. وكذلك الجمعة.. أصابه القلق.. صباح السبت كان أول الداخلية إلى البنك.. وسط العاصمة.. نظر إلى الكاونتر.. لم يجد (عمر).. سأل عن مكتب مدير البنك.. طرق الباب ودخل.. المدير جالس على مكتبه الأنيق.. بجواره نائب المدير (أمريكي يجيد العربية).. المقعد المقابل يجلس عليه المحاسب الباكستاني.. كان (المسكين) يخضع لمجلس محاسبة لفقدان (100) ألف ريال..
* حكى (….) السوداني.. أسباب حضوره.. بكى المحاسب الباكستاني.. اندهش المدير ونائبه.. سلمهما (المبلغ) يداً بيد.. وطلب منهما (العفو) عن المحاسب.. استجابا لطلبه.. وعاد المحاسب الباكستاني إلى عمله..!!
* تم تحفيزه فوراً.. أصر المدير على أن يستلم الحافز.. شيك (300) ألف ريال..!! بضعة أيام.. أحدهم نشر الحكاية في صحيفة (الرياض).. جاءت سيارة طويلة سوداء.. بداخلها نقيب واثنان من الحرس الملكي.. يطلبون المحاسب السوداني.. قال لهم إنه (هو) ابتسم النقيب. قائلاً.. إن السمو الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية (رحمه الله).. ذلك الرجل القوي.. يطلب رؤيته لأنه قرأ صحيفة اليوم.. اتصل على (كفيله) أخبره بالقصة.. تواعدا على اللقاء أمام وزارة الداخلية..!!
* دخل الركب على الأمير القوي رحمه الله.. قام من مجلسه مرحباً بالضيوف وترحيب خاص بالمحاسب السوداني (….) ممسكاً بيده ومعرفاً المجلس العامر (به).. أشاد الأمير بالسودانيين.. أخلاقهم وإخلاصهم.. وشهامتهم.. ورجولتهم.. تبادل الجميع أكواب القهوة الصغيرة.. بعدها نهض الأمير والتقط مع المحاسب بضعة صور تذكارية.. مرة أخرى.. أصرَّ الأمير أن يستلم المحاسب شيكاً بمبلغ (300) ألف ريال..!!
* ابتسم الجميع.. وكان أكثرهم سروراً ذلك الأمير القوي.. رحمه الله.
* السودان.. أو ما تبقى منه كما نكرر دائماً غني بثرواته.. ولكنه دائماً غني بإنسانه ذلك السوداني البسيط ود البلد. الذي تحمل جيناته كل هذا الإرث الطيب..!!
* هي أشياء قد تكون السياسة أفسدت بعضها.. وقادة أحزاب الكهنوت أفسدوا بعضها أيضاً وأيدلوجيات هائمة.. وقادمة من الخارج.. بظروفها.. أفسدت البعض أيضاً.. ومن تشظى من أهل أحزابه تلقف الفتات المتساقط من أكف أهل شارع المطار..!!
* ولكن السوداني هو السوداني القادم من شوارع المدن الخلفية.. التي تناساها (البعض) منذ ذلك اليوم وذلك الشهر.. وما حدث في تلك السنة.. ويا له من يوم.. وشهر.. وسنة..
* (السوداني) ينظر للمال (وسيلة) لتحقيق مطالبه البسيطة.. والحياتية.. لا ينظر إليه كغاية يبذل الجهد.. ويعبر القيم والأخلاق ليصل اليه..
* (الغاية) هذه لا يعرفها أهل السودان.. إلا القادمون بالبطون الضامرة التي تحاول (تتشفى) من أسباب الفقر.. حتى لو كان ذلك على (أكتاف) شعبهم..
* السوداني بخير.. والسودان بألف خير..
* فقط نريد (أشكالاً).. جديدة..!؟!
* وسنجدها..
صلاح احمد عبد الله – (مفارقات – صحيفة الجريدة)