مقالات متنوعة

نجل الدين ادم : اختراق خارطة الطريق


اختراق كبير ذلك الذي حدث أول أمس بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بتوقيع وفد الحكومة المشارك في اللقاء التشاوري الذي دعت له الآلية الأفريقية العليا برئاسة “ثامبو أمبيكي” على اتفاق خارطة طريق بشأن المنطقتين والحوار الوطني رغم تعنت الحركات المسلحة وحزب الأمة القومي برئاسة “الصادق المهدي” نظراً لتحفظهم على بعض النقاط.
ميزة هذا التوقيع رغم أنه من طرف واحد، أنه يرسل رسائل إيجابية بحرص الحكومة على عملية السلام وإنجاح الحوار الوطني الجاري الآن، سيما وأنها وافقت على مضض على مبدأ التشاور مع هذا التجمع بالخارج، ولكنها نزلت عند رغبة الطرف الآخر واستجابة للوساطة الأفريقية.. أمس تقدمت عملية التشاور هذه رغم أنها انحصرت في الحكومة كطرف والجبهة الثورية (حركات دارفور+ قطاع الشمال) وحزب الأمة القومي، حيث أبدت قوى المستقبل التي يتزعمها د. “غازي صلاح الدين” بعض المرونة في الانضمام إلى الحوار الوطني بعد الاجتماع الذي جمعها أمس مع آلية (7+7) بتنسيق من الوسيط الأفريقي.
أنا متفائل بأن الجهود الحثيثة التي اضطلع بها رئيس الآلية الأفريقية وهرولتها ما بين الخرطوم وأديس أبابا ستكون لها في نهاية الأمر نتائج إيجابية، وأتوقع أن يكون توقيع الحكومة وتأكيدها على حرصها على عملية السلام عاملاً مهماً لدفع الحركات المسلحة وحزب الأمة القومي لقبول الانضمام إلى خارطة الطريق هذه لتؤسس لمرحلة جديدة تنطلق من الحوار وتناقش القضايا محل الخلاف كافة بخاصة تلك التي دعت الحركات إلى حمل السلاح، وأحسن ما في مبادرة “أمبيكي” هذه المرة أنها استوعبت أن هناك وعاءً كبيراً لمناقشة القضايا الكلية للبلد وهو الحوار الوطني من أجل التأسيس لمرحلة جديدة تزيل كل الترسبات السياسية وحالة الشد والجذب.. حسناً إن أقدمت الحكومة على هذه الخطوة رغم أن البعض ربما يحسبها عليها، ولكنني أتوقع أن تثمر هذه الخطوة لنجني ثمارها بالتحاق هذا التكتل بالحوار الوطني والعملية السياسية.
مطلوب من الحركات المسلحة والسيد “الصادق المهدي” أن يمضوا خطوات إلى الإمام كما فعلت الحكومة وذلك من أجل الوصول إلى نقطة تلاقي.
الحوار الوطني هو الفرصة النهائية لكي يعيد الجميع حكومة أو معارضة سياسية أو مسلحة الحسابات بعد سنوات من الحرب والدمار أعادت إلى البلد إلى مربع التردي، ينبغي أن تضع المصلحة العامة للبلد أمامها وتتناسى كل الضغائن الخلافات السياسية، حينها يمكن أن يلتقي الجميع عند نقطة سواء يطردون بها شبح الخلافات والاضطرابات الأمنية والاقتتال والاحتراب الذي ما زالت البلد تدفع فاتورته جراء حالات النزوح واللجوء الكبيرين في دارفور والمنطقتين.
أيضاً من المهم جداً أن تقدم الحكومة مزيداً من التنازلات لصالح العملية السلمية، وأن تصدر قرارات لدفع عملية السلام إلى الأمام.. والله المستعان.