مقالات متنوعة

خالد حسن كسلا : ما فعلته الخرطوم ولم تفعله واشنطن


> حتى في قضية ما تسميه واشنطن إرهاباً.. وفي إفريقيا بالتحديد قادماً من آثار سلوكيات وسياسات الغرب، فإن للخرطوم دور حاسم في معالجته.. والفرق كبير حينما نقول معالجته ومحاربته.. ولو كانت محاربته بمعنى مجازي فإن غارات واشنطن وروسيا على رؤوس المدنيين تعطي هنا المعنى الحقيقي لمعنى محاربة.
> ما أسمه تطرفاً وإرهاباً هنا في السودان، قد تمت معالجته بالحكمة والموعظة الحسنة.. ونامت الخرطوم وكل مدن وقرى السودان مطمئنة أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.. اللهم إلا القليل جداً من المناطق تستهدفها إلى وقت قريب عناصر التمرد المدعوم من واشنطن نفسها.. وهو ما يمثل الوجه الإرهابي لواشنطن في إفريقيا.
> والسودان إذن.. حسب المصطلحات التي تستخدمها أمريكا يمكن أن نقول بأنه كان يواجه شكلين من الإرهاب.. شكل ديني حسمته الآن بالحكمة والذوق الحكومة السودانية مستفيدة من استيعابها للدوافع الفكرية لدى الشباب والصبيان الذين يحملون طاقة إيمانية بورع خاطئ ..وشكل آخر يحسم فيه الآن الجيش السوداني.. وهو التمرد المدعوم من عدة جهات معلومة.
> وقارن الآن بين الأسلوب الذي تعاملت به واشنطن لمحاربة الإرهاب وبين ما تعاملت به الخرطوم لمعالجة مشكلة التطرف.. وإن كان مصطلح التطرف قبل المعالجة يمكن أن يدخل في اتهامات متبادلة، فكل طرف يتهم الآخر بأنه متطرف عن الحق وجادة الطريق.
> لكن بالحوار العلمي، فإن موضوع التطرف اكتسب علاجاً ناجعاً..بخلاف أسلوب واشنطن الذي يأتي دائماً بنتائج عكسية.
> ولو كان دافع المستهدفين بالحوار العلمي هو أمور علمية في الشريعة.. فإن بهذا النوع من الحوار يكون الوصول إلى النتائج سهلاً جداً.. والحوار العلمي لا شيء يمنع أن يكون جزءاً من الحوار الوطني خارج قاعته.. أو ملحقاً له.
> فالسلام الاجتماعي الذي يمكن أن ينسفه التطرف بصورة أو بأخرى، هو أحد أهداف الحوار الوطني..
والمتهمون بالتطرف إذا رفضوا الحوار العلمي لا يمكن أن يكونوا بالطبع أهل دعوة في المجتمع، وإنما شيء آخر غير واضح الملامح..لكن التكهنات تصوره عملاً تآمرياً مدفوع الأجر لصالح جهات تعادي وتستهدف حياة المسلمين، على رأسها طائفة اليهود.
> ثم إن اليهود في دولة احتلالهم في فلسطين أو خارجها لو كانوا يعلمون أن سلوك واشنطن لمحاربة التطرف والإرهاب يخصب لتفريخهما بصورة متزايدة كما نرى..فهم يريدون بشدة «هشا» السلوك الأمريكي..لأنه يخدم قضية يهودية مهمة..هي استمرار أمان الاحتلال اليهودي وأسواق المسلمين ذات السلع النفطية الرخيصة بفعل الحروب.
> فمعالجة التطرف في آسيا على نحو معالجته في السودان ليس من صالح العدو اليهودي. فاستقرار المسلمين في بلانهم أمر مقلق جداً لدولة الاحتلال اليهودي في فلسطين.
> وقد استقر العراق من قبل ووصلت صواريخه إلى عمق دولة الاحتلال اليهودي هذي.. والآن فإن العملية السياسية في العراق لجبر الكسور التي سببها الاحتلال الأمريكي وإطاحة صدام تعارضها إسرائيل.. لأنها تسأل نفسها: ماذا بعد إعادة الاستقرار في العراق..؟ لذلك فإن الرهان الآن على سيطرة الشيعة الأقرب دبلوماسياً وتعاونياً إلى إسرائيل. وهنا في السودان تراهن القوى الأجنبية على استمرار التمرد بدعم وتمويل وتسهيل منها.. لأنها وجدت الخرطوم قد نجحت في معالجة ملفات عدة منها المتصل بالأقاليم مثل التطرف والإرهاب.
> والقوى أجنبية تعلم أن السودان اقتصادياً متأخر جداً، لكنه متقدم على مستوى حكومته وعلماءه وخبراءه في التفكير القوي الخارق.. وهذا ما أهله لمعالجة ملف التطرف والإرهاب بحنكة.
> يمكن أن تنظر إلى السودان بأنه دولة ضعيفة اقتصادياً تأخذ ولا تعطي.. وهذا إذا كان بسبب فواتير الحرب التي موَّل إشعالها الغرب بالتعاون مع إسرائيل التي أكثر ما يهمه في المنطقة حمايتها..فإن السودان على صعيد الدفاع عن نفسه أقدر من أن يفاوض الإرهاب الآخر.
> لكن أسأل السودان عن إمكانياته الفكرية والتكفيرية في المساهمة في معالجة مشكلة التطرف والإرهاب .. ونقول معالجة.. وليس محاربة ومكافحة.. لأن الموضوع لا يحتمل مثل هذه المفردات التي تسد الطريق أمام العلاج الناجع.
> وهذه القضية لا أثر لها يذكر في السودان مقارنة بدول عديدة منها أمريكا وفرنسا.. ولكن أغلبها يعتمد العنف المضاد علاجاً.. ولا يمكن أن ينجح العنف المضاد طبعاً.
> إذن.. الحكومة نجحت في المعالجة بدون استخدام العنف والقسوة، بخلاف دول كثيرة معروفة.
غداً نلتقي بإذن الله..
خالد حسن كسلا – (الحال الآن – صحيفة الإنتباهة)