مقالات متنوعة

عبد العظيم صالح : «البلد غابة»!!


٭ البص السياحي يتهادى «بدلال» ونحن في طريقنا من المطار لمدينة القضارف ـ الركاب يوزعون «النظرات» التي بدت ناعسة على جانب الطريق!
٭ في الرصيف لا شيء يلفت الإنتباه.. إلا التربة الطينية والتي لا زالت بكراً!! ولا زال ليلها طفلاً يحبو!!
٭ جاري في المقعد المجاور صديقنا و «نقيبنا» الصادق الرزيقي يشير بحسرة إلى «غابة الفيل»!! وقد «انحسر» الغطاء النباتي عن كثير من أجزائها أو كاد!!
٭ الغابة كانت تسد أشعة الشمس عندما كانت «غابة» يخاف الناس من دخولها نهاراً «فالربابيط والوطاويط» في حضور دائم. وفي ربوعها «الفيل» يتهادى ويلعب بخرطومه!
٭ تحدثنا طويلاً وتجادلنا ونحن نردد «اسطوانة» التنمية المفقودة وإهمال الموارد الطبيعية عن قصد ومع سبق الإصرار والترصد، في تلك اللحظات المفعمة بالأسى تذكرت صديقي الذي لم أنساه المرحوم الدكتور دفع الله محمد.. الراحل كرس كل حياته وقلمه وعلمه وهو الأستاذ الجامعي والكاتب الصحفي والشاعر لقضايا وطنه الكبير السودان ووطنه الصغير القضارف وتحديداً «الهشيب» قبل أيام إلتقيت مجموعة من أهله ونحن لا زلنا نترحم على روحه الطاهرة، وقد توفى قبل شهور بحادث حركة أليم على طريق جدة الليث. وهو عائد لمكان عمله بجامعة أم القرى قادماً من الكعبة الشريفة والحرم المعظم.!
٭ قالوا إنهم على الدرب سائرون وسيواصلون في نهجه ودعوته بالحفاظ على ما تبقى من غابات وأشجار بالقضارف ومن بينها غابة الهشيب القومية والمحمية والتي تضم اشجاراً نادرة والتي أولاها المرحوم كل اهتمامه من أجل الأجيال والمستقبل!
٭ كان هذا حديث البص والخواطر ولأن الحديث ذو شجون فقد وجدت نفسي أتجاذب الكلام مع الوالي المهندس ميرغني صالح ونحن جلوساً في داره العامرة بالقضارف وكما يقول ناس الدبلوماسية فقد تطابقت وجهات النظر وأنا أنقل له ما دار من نقاش في البص!! وللحقيقة فقد وجدت الوالي ـ وأنا لأول مرة ألتقيه ـ يحمل تصوراً كاملاً ورؤية متقدمة لقضية الاقتصاد والتي يمكن للقضارف أن تقود السودان بسهولة نحو الغايات التي نتمناها ونحلم بها لسودان مزدهر وكمان «ديمقراطي» والأخيرة من عندي!!
٭ بإمكان القضارف أن تضحى غابة كبيرة وبأشجار «جديدة» وفق رؤية تستند على التخطيط وتعزيز مفهوم «الشجرة» وأهميتها الاقتصادية والبيئية والاجتماعية في ذهنية المواطن بحيث يتولى بنفسه دور الحكومة ووظيفتها ورعايتها وحراستها و «شجرة شجرة تبقى البلاد غابة».!!