مزمل ابو القاسم

قرار كبير يا سعادتو


* قرار بسيط في فحواه، كبير في معناه، اتخذه سعادة اللواء الركن حسن محمد حسن إدريس، معتمد محلية الخرطوم بحري، وقضى بإلغاء عقود متعهدي (الدرداقات) التي يعمل عليها (500) طفل في أسواق مدينة الخرطوم بحري، مع إتاحتها لهم بالمجان، حال التزامهم بارتياد المدرسة.
* قرار مسؤول، يستوجب المدح والثناء، لأنه يحمل في طياته نظرة تربوية ثاقبة، وينم عن حسٍ إنسانيٍ عالٍ، ويحوي حرصاً شديداً من المعتمد المذكور على مصلحة أطفال أبرياء، أجبرتهم قسوة الحياة على هجر فصول الدراسة، كي يكسبوا رزقهم بعرق الجبين، ويساعدوا أسرهم، ويعولوا أنفسهم.
* أطفال كانت محلية بحري (وغيرها من محليات الخرطوم) تعتبرهم من أهم مصادر دخلها، وتفرض عليهم رسوماً تزدري بها نصوص قانون الطفل، الذي يحظر تشغيل الأطفال، وتنتهك أبسط مقومات الحس الإنساني، والذوق السليم.
* خسرت محلية بحري مبالغ مقدرة كانت تتحصل عليها من الأتاوات المفروضة على أطفال الدرداقات، لكنها كسبت احترام كل من قرأوا وسمعوا بقرارٍ يشرح الصدور.
* هنيئاً لمعتمد بحري بقرارٍ مؤثرٍ وناضج، يعبر عن رؤية ثاقبة، يؤمن صاحبها بأن الأطفال يمثلون عماد المستقبل.
* لقد ظل مستوى الحكم المحلي في السودان يعاني من مشكلات كبيرة، تتمثل في سعي المحليات إلى حصد المال من مواطنيها بأي نهج، حتى شبهها الناس بالتركية السابقة، مع أن الأخيرة لم تفرض على أهل السودان معشار ما فرضته عليهم محليات تطارد ستات الشاي، وبائعات الكسرة، وتصادر معداتهن بدفار المحلية، وتلزمهن بتسديد غراماتٍ باهظة قبل أن تردها إليهن لتصادرها من جديد، كما تفرض الرسوم على الأطفال، إلى درجة إنشاء إدارة (للدرداقات الحكومية)!
* محليات أنشئت في الأصل لتقديم الخدمات للناس من مستوىً أقرب، ساهمت في إشاعة البغضاء على الحكومة، ودفعت الناس إلى عدم التفاعل مع أي مشاريع تطرحها محليات جشعة، تثقل عليهم بآلاف الرسوم، وفقاً لإحصائيات رسمية، أعدتها وزارة المالية الاتحادية، قبل شروعها في تنفيذ مشروع التحصيل الإلكتروني.
* محليات تجمع جباياتها بنهج فظ، وتفرضها على أصحاب المحلات التجارية، وأصحاب المهن الصغيرة، وتستخدم أساليب قاسية في تحصيلها، بل إنها كانت تستعين في ذلك بالشرطة، حتى تكرم سعادة الفريق أول شرطة محجوب حسن سعد (مدير عام الشرطة السابق) بمنع استخدام حفظة الأمن في جمع تلك الأتاوات الكريهة.
* محليات تقتاد كل من يفشل في السداد إلى محاكم توجد داخل مبانيها، وتضعهم في الحراسات، وتحولهم إلى السجون، ليبقوا فيها لحين السداد، من دون أن تتحصل على أحكام تنفيذ، تخولها حبس أولئك الأشقياء المظلومين.
* مطلوب من كل معتمدي محليات السودان أن يقتفوا خطى معتمد بحري، الذي ظلت نفوسنا تراودنا لانتقاده، كلما مررنا بشوارع محليته التي تزخر بالحفر، وتخلو من الأسفلت، وتثير النقع في كل مكان.
* شكراً معتمد بحري.. قرارك كبير وخطير يا سعادتو.