تحقيقات وتقارير

يومًا يعد يوم تتزايد هجرة الأطباء، خشية عقابيلها بلغت حد تحذير عبد الرحمن مكي، من احتمال إغلاق المستشفيات الحكومية في الخرطوم بسبب ذلك، نبحث هذه المخاوف: إنت أذاى وإنت طبيبي


نقص الكوادر الطبيِّة من أكبر الهواجس التي تواجه وزارة الصحة بالبلاد، ويأتي اعتراف وزيرها بحر إدريس أبو قردة دليلاً على تأثير هذا النقص على مستوى تقديم الخدمات الصحية في البلاد، وأرجع الوزير في حديث سابق هذا النقص إلى تزايد معدلات هجرة الكوادر التي وصفها “بالكبيرة”، وفي ذات المنحى لفت إلى لجوء وزارته إلى التدريب المستمر للكوادر المتبقية وتحسين شروط الخدمة لملء الفراغ والحد من الهجرة التي أصبح تأثيرها أمرًا لا تخطئه العين ما دفع جهات أخرى ذات علاقة وثيقة بالعمل الصحي مثل المجلس الطبي السوداني للاستعانة بأطباء تحت الخدمة الوطنية.
زين العابدين كرار رئيس المجلس الطبي شكا خلال حديثه لدى زيارة سجلتها لجنة الصحة والسكان بالبرلمان إلى مقر مجلسه (السبت) المنصرم، من أن المخطط الوظيفي الحالي لم يستوعب المهام التي أضيفت إليه ما دفعه للاستعانة بأطباء الخدمة الوطنية، ونادى كرار، بتوفير ميزانيات لتمويل أنشطة المجلس الطبي وتخصيص سيارات لموظفيه ليقوم بمهامه.

النائب البرلماني والعميد الأسبق لكلية الطب جامعة الزعيم الأزهري عبد الرحمن محمد مكي، حذر في حديثه من احتمال إغلاق المستشفيات الحكومية بالعاصمة الخرطوم بفعل التراجع المريع فى أعداد الأطباء بسبب الهجرة، وزاد مكي: “نقص الكادر الطبي أجبر المستشفيات على اللجوء لكليات الطب وفي حال سحبت هذه الكليات طلابها من المستشفيات الحكومية ستضطر للتوقف عن العمل”.
القضية المحورية في نقص الكوادر وتزايد معدلات هجرة الأطباء تعود إلى أمرين الأول عدم توفر وظائف حسب ما أوردته وزارة الصحة سابقاً، إضافة إلى ضعف المخصصات وشروط الخدمة للأطباء والاختصاصيين.

في ذات المنحى وصف مكي حقوق الأطباء بأنها الأضعف في الدولة، مطالباً بمساواتهم مع القضاة والقوات النظامية، والعاملين بوزارة المالية وسوداتل، ليس في الرواتب فقط، وإنما في الامتيازات الأخرى من حوافز وسيارات ومواد غذائية، مكي الذي أشار إلى ضرورة دمج الخدمة الوطنية بفترة الامتياز حتى لا يضيع عام كامل على الطلاب، يرى أن دمج الامتياز بالخدمة لا يمنع توزيع الأطباء على الولايات كما كان يتم إجباريا قبل استلام الشهادات ومنعهم من مزاولة العمل العام والخاص في الخرطوم ومدني والأبيض أو بورتسودان، قبل إنهاء خدمتهم.
من المعروف أن منظمة الصحة العالمية تضع معاير لعدد الأطباء والممرضين في المستشفيات، وفي هذا الخصوص دعا النائب البرلماني عبد الرحمن محمد مكي إلى إلزام الجامعات بفتح كليات للتمريض ليتناسب عدد الممرضين مع عدد الأطباء، وانتقد حجم الميزانية المخصصة للحوادث، البالغة (14) مليونا فقط، وطالب بزيادتها إلى 25 % أسوة بالدول المتقدمة، ورفع ميزانية أمراض القلب والسرطان والفشل الكلوي إلى 35 %.
لجنة الصحة والسكان بالمجلس الوطني وعدت على لسان رئيس لجنة الصحة بالإنابة، صالح جمعة، بالعمل على زيادة مرتبات الأطباء، وتعديل القوانين في المسائل التي تدعم المجلس الطبي.

أبو قردة وزير الصحة جدد التزام وزارته في خطتها الاستراتيجية بمعالجة قضية الهجرة عبر وضع الخطط والسياسات التي تسهم في استبقاء الكوادر، مؤكدا أن السودان من الدول الرائدة في التعليم الصحي، وزاد: “لا نريد وقف الهجرة لكن نتعهد بوضع سياسات تسهم في تنظيم الهجرة وحفظ حقوق الدولة والأطباء” وحث الدول الشقيقة والصديقة على الوقوف مع السودان للفائدة المشتركة من هذه الكوادر.
تظل قضية نقص الكوادر وارتفاع معدلات الهجرة معادلة تحتاج إلى حل جذري من قبل الدولة في محوري تحسين شروط الخدمة وتحسين بيئة العمل بالمستشفيات.

الخرطوم – خضر مسعود
صحيفة اليوم التالي