تحقيقات وتقارير

أرهبت الصحفيين ومنعتهم من دخول معسكراتها (يونميس).. حجب الرقابة عن سوءات (الجيش الشعبي)


منعت بعثة الأمم المتحدة بدولة جنوب السودان الصحفيين من الدخول إلى معسكرات النازحين التابعة لها حيث يعيش أكثر من 200 ألف شخص في أوضاع إنسانية بائسة بعد هروبهم من الهجمات التي طالت قراهم ومناطقهم فمنذ اندلاع الحرب الأهلية سعى آلاف المواطنين للاحتماء بمباني الأمم المتحدة بعد مقتل المئات من أبناء النوير في العاصمة جوبا في وقت تضاعف فيه أعداد النازحين بسبب الأمطار والمجاعة الأمر الذي أدى إلى الضغط على خدمات المعسكرات والتي تعاني الاكتظاظ وغياب الصرف الصحي ووفقاً لموقع نايميلوبديا فإن المعسكرات اللاجئين تعرضت لثلاثة هجمات أولها فى أكوبو (ديسمبر 2013) وبور (أبريل 2014)، وملكال (فبراير 2016). وفي حالات أخرى، تعرضت النساء للاغتصاب أو الخطف وهن يجمعن الحطب بالقرب من المعسكرات.

تكميم الصحفيين
وأكد عدد من الصحفيين للموقع أن مكتب الإعلام الرسمي لليونميس يضع ضوابط للصحفيين عند زيارتهم للمعسكرات تحرمهم القدرة على تغطية انتهاكات حقوق الإنسان والعنف هناك، وقال أحد الصحفيين بأن مكتب الإعلام منعه من تغطية أحداث العنف في معسكر ملكال، فيما قال آخر بأن الوقت المحدد للإقامة في المعسكر كان قصيراً جداً ولا يكفي لتغطية انتهاكات حقوق الإنسان هناك، وأضاف آخر لم نمنح إذن السفر إلى معسكر بانتيو أثناء هجوم قوات الجيش الشعبي عليه في مايو 2015م.

ويقول أحد الصحفيين عمل في المكتب بأن المكتب يقوم بتحديد حركة الصحفيين في المعسكرات بسبب ارتفاع نسبة الجريمة وانعدام الأمن، إلا أن الضوابط الآن أصبحت أكثر تقييدًا. وأضاف: أعتقد أن هذه القيود انعكاس لعدم ثقتهم في مقدرتهم على إدارة المعسكرات إضافة الى الحد من الدعاية السالبة عن الأوضاع المتردية داخل المعسكرات وارتفاع معدل الجريمة، إضافة إلى توتر الأوضاع الأمنية، وأنه أصبح يمنع دخول الصحفيين أو يحدد وقت الزيارة والمناطق التي تتم فيها التغطية.

قائمة المحاذير

ونصت الضوابط الداخلية لزيارة الصحفيين على تقديم طلب يوضح فيه الصحفي نوع الزيارة والمدة التي يريد أن يقضيها داخل المعسكر وتحديد الأسئلة التي سيتم طرحها حيث يحظر طرح الأسئلة السياسية، إضافة إلى مرافقة الصحفي بمرافق يرافقه أثناء قيامه بالتحقيقات وشملت التقييدات السفر إلى المعسكرات خارج مدينة جوبا، حيث تنص لائحة الأمم المتحدة لزيارة الصحفيين عدم السماح للصحفيين بالسفر على متن طائرات الأمم إلا في حال تقديمهم خطابا من المنظمة أو الصحيفة التي يعملون لديها توضح هدف الزيارة إضافة إلى إذن من حكومة الجنوب والذي تطالب به البعثة الصحفيين العالميين، كما أن اللائحة تحدد إقامة الصحفي في المعسكر بليلتين مقابل 118 دولارا لليلة الواحدة. هذا فضلا عن منعهم من السفر على متن طائراتهم.

ويقول أحد الصحفيين: الوصول إلى المعسكرات سابقاً لم يكن معقداً، ويتم عبر تقديم طلب يوافق عليه مكتب الإعلام دون قيود أو تحديد الفترة الزمنية التي تبقى فيها إلا أنه وبعد اندلاع العنف تم تشديد الضوابط على زيارة المعسكر.

تهديدات أممية
ويقول الصحفى جيستون لينش إنه عندما حاول تغطية أحداث معسكر ملكال منتصف فبراير استدعاه مكتب البعثة وأمره بمغادرة المدينة في الحال، ويقول الموقع إن لينش وصل ملكال في 18 فبراير وبدأ القتال في مساء ذات اليوم، وعند وصوله الى المعسكر صباح اليوم التالي لا زال هناك إطلاق للنار، وقضى اليوم في المعسكر يلتقط الصور ويجري المقابلات، وفي الساعة السابعة وكنت أسير بالقرب من المكتب أخبرني ضابط بأن هناك اتصالاً لي من جوبا، وفي الجانب الآخر من الخط تحدث إلي شانتال (شانتال برسيود) المسؤول الإعلامي بالمكتب والذي قال لي يجب عليك العودة إلى جوبا، وبحسب الموقع فإن برسيود استدعى لينش عقب سويعات من نشر وكالة الأنباء الفرنسية تقريراً مصوراً من ملكال أعده لينش.

وعندما سألتها بصورة مباشرة هل هذا يعني أنك تلقيت أوامر بطردي من المعسكر أو أجلائي منه؟ رفضت الإجابة وأضاف أن مكتب الإعلام باليونميس قام بترتيب رحلة طيران له لجوبا قبل مواعيد رحيله من المعسكر، ولكنه هرب منها وقال لينش في رسالة بالإيميل: علمت بأن المكتب الصحفي لن يقدم معلومات دقيقة عن الوضع في ملكال للجمهور، ولذلك أردت البقاء على مسؤوليتي الشخصية للتحقق من دقة المعلومات، وفي ذلك الوقت أصدرت اليونميس بياناً قالت فيه إن صراعاً طائفياً اندلع داخل المعسكر في الوقت الذي هوجم فيه المعسكر من قبل جنود من خارجه شاركوا في القتال الطائفي.

إجلاء قسري

إلا أن لينش قدم تقريراً مختلفاً لأحد المواقع الأمريكية الإخبارية أكثر دقة وتفصيلاً سرد فيه الأحداث قال فيه إن شهودًا من مسؤولي الأمم المتحدة والمدنيين وعمال إغاثة أكدوا بأن الهجوم بدأ من الخارج وأن 50 من جنود الجيش الشعبي دمروا السور باستخدام أسلحتهم، وأضاف أن قوات اليونميس استغرقت 16 ساعة قبل أن تتدخل في الصراع وإقناع الجيش الشعبي بالخروج من القاعدة، وهو ما وصفه أحد مسؤولي المنظمة الأممية للينش “بعدم الكفاءة التام”.

وأضاف لينش بأن المكتب هو من يفرض القيود على الصحفيين، وذلك أن عددا من مسؤولي البعثة طلب البقاء وإعداد التقارير لأنهم مستاءون من التقارير التي تصدرها جوبا.

وفي 22 فبراير تلقى لينش رسالة نصية من مكتب الإعلام يهدده فيها بضرورة مغادرة المعسكر، وفي ذلك الوقت توقف إطلاق النار وبدأ المعسكر باستقبال عدد من عمال الإغاثة وموظفي البعثة للتعامل مع الوضع المنهار في المعسكر، وتقول الرسالة والتي جاءت من نائب رئيس البعثة ماري براكيومنت ” هذه هي المرة الثانية التي تتغيب فيها عن الرحلة إلى جوبا وأنا واثقة من أن شانتال وضحت الأسباب وراء رغبتنا في عودتك المبكرة إلى جوبا وأتمنى أن تظهر بعض التعاون عرفانا على الدعم الذي قدمناه لك في المقام الأول من أجل الحضور إلى ملكال”.

ووفقاً للينش أنه قضى يوماً واحداً في ملكال بعد تسلمه الرسالة حيث غادر ملكال في 24 فبراير وأنه في ذلك اليوم رأى قوات الأمن وهم يتعقبونه مرتين إحداهما عندما كان يتناول الغداء مع اثنين من موظفى الأمم المتحدة .

وقال لينش (الصحفي الأمريكي) يبدو أنهم كانوا يراقبونني وفي غرفة الطعام طلب مني ضابط الأمن الحضور لمكتبه وعندما رفضت وأخرجت آلة تسجيلي لأسجل ما يحدث لي هنا تغيرت لهجة الضابط وقال لي بأنه سيقابل رئيسه، وهنا جاءني انطباع بأنه سيتم اعتقالي خاصة وأنني تلقيت تهديدين من مسؤولي البعثة، وقال إنه وموظفو الأمم المتحدة الذي تناول معهم الطعام سخروا من التهديد حتى جاء ذات الضابط للبحث عنه في اليوم التالي داخل مقر إقامته ليأخذه إلى الطائرة قسراً وهنا وافق لينش على السفر ناشراً الجزء الثاني من قصته بعد عودته.

ترجمة: إنصاف العوض
صحيفة الصيحة