مقالات متنوعة

محمد عبد الله برقاوي : بامية … باودر ..!


( ظل السيف ) – لعل الأخ الكمساري أو ما يسمى في ذلك الزمان بالمساعد لم يعرف قيمة الويكة لا في زمانه ذاك ولا في زماننا الأغبر الحالي، وقد سخر من عمتنا الحاجة وهو يساعدها في إنزال قفص الحمام من على ظهر شاحنته المتهالكة وهي التي جاءت به من قريتها إلى سوق المدينة .. حينما أجابته على سؤاله عن سبب إتيانها به بأنها ستبيع ذلك الحمام لتشتري بثمنه جوال ..
( ويكة )..!
فالويكة بالنسبة لها أهم غذائياً واقتصادياً من لحم الحمام الذي قد يكفيها القفص منه لعدة وجبات، ثم لا يبقى أمامها غير التلمظ و الفرجة على الريش المنثور في فضاءات بقية زمن المسغبة !
وربما كانت تلك الحنكوشة المغتربة التي طلبت من جارتها أن تسلفها (بامية باودر) قد كان استشرافها عفوياً، ولكنها لا تعلم أنه يمكن أن يصبح واقعاً تكون هي من ينال حق الملكية الفكرية في إطلاق التسمية الطريفة على الويكة المطحونة !
وقد حملت الأنباء اليوم بأن آخر حائط لصد جوع الفقاره وإكمال رفاهية الأغنياء قد أرتفع سعرها في السوق اليوم بما يتهدد أولئك الغلابا الذين تسد رمقهم كيفما طبخوها .. وبالتالي بالطبع لن يتأثر المنعمون بارتفاع أسعارها وهم الذين يشترون الكسرة من قبيل تنوع موائدهم الدسمة ليكسروا طابعها الأفرنجي بملاح التقلية من قبيل التحلية ليس إلا !
لم أكن أعرف أن للبامية مسميات مختلفة إلا من خبر إرتفاع سعرها الذي نشرته الصحف اليوم، ولعل ما أدهشني أن الصنف المسمى الأملس منها يصدر إلى أروبا ذات نفسها !
ويأتي إنحسار عرض ويكتنا الوطنية في الأسواق مثلما توقع تجارها اليوم والذين عزوا ذلك لتراجع إنتاجها في أماكنها التقليدية لأسباب عديدة مما أدى إلى ارتفاع سعرها .. وحيال تلك الندرة فربما تقوم دول أوربا أو الأشقاء الصينيون بإعادة تصدير إنتاجنا إلينا، و الذي يذهب إليهم بعد أن يطحنوه و يتم إعداده وحفظه وفق أساليب علمية دقيقة ويضعوه في برطمانيات .. ثم توضع عليه ديباجة لتعريف المنتج كأن يسمى مثلا ..(ويكتنا)!
فليس لك الحق يا سيدي الكمساري أو المساعد أن تسخر من خالتك الحاجة التي استبدلت قفص حمامها بجوال الويكة ..ولعلها لو كانت حية وشهدت ارتفاع أسعار (الجميلة ومستحيلة) في عهد وقعتنا السوداء، لمدت لسانها سخرية من جهلك بقيمة ويكتها التي باتت حذوك النعل وبالنعل، تقف شامخة في الأسواق العالمية مع الكافيار.. ولقالت خالتنا لتلك الحنكوشة رغم فوارق الأجيال علمي هذا الجاهل بقيمة ويكتنا .. التي ستعود إلينا معلبة في شكل باودر!