تحقيقات وتقارير

“تسعة وخمسين تسعة وخمسين” أسعار الدواء موحدة في جميع ولايات البلاد للمواطن ومطبوع في كل عبوة سعرها.. والتحديات أمام الإمدادات كثيرة أهمها توصيل المنتج لمستحقيه وضبط التسريب


ظل ملف الدواء وتوفيرة ووفرته من الملفات الشائكة والعصية على الحل رغم كل السياسات والإجراءات التي اتبعتها الدولة في سبيل ذلك، هذا إذا وضعنا في الاعتبار أن أزمة الوفرة الدوائية ترتبط في الاساس بتوفر النقد الأجنبي بالنسبة للقطاع الخاص، بالإضافة إلى فك الحظر المضروب على التحويلات البنيكة بالنسبة للقطاع الحكومي المتمثل في الصندوق القومي للإمدادات الطبية المنشأ حديثاً عبر قانون جديد تمت إجازته العام الماضي بالبرلمان، حيث أعطى القانون الصندوق حق توفير الدواء للمؤسسات الحكومية بالولايات وتوصيله للمواطن في أي مكان بالبلاد، ويقول جمال خلف الله المدير العام للصندوق إنه تم إنشاء (16) فرعا للصندوق بالولايات مهمتها توصيل الدواء للمواطنين بالمرافق الصحية والبالغة (5) آلاف مرفق صحي، موضحاً أن هناك تحديات في إيصال الدواء لجميع تلك الوحدات لكنه لفت إلى أن الصندوق يوصل الدواء في الوقت الحالي إلى نحو ثلاثة آلاف مرفق صحي.

حسناً.. الإمدادات الطبية وحسب قانونها هي مؤسسة غير ربحية مهمتها توفير الأدوية الأساسية المنقذة للحياة بالمراكز الصحية الحكومية وبعض مرافق القطاع الخاص، حيث يشير جمال إلى أن الإمدادات توفر أدوية الطوارئ لكل مسشفيات البلاد والتي توزع مجاناً خلال الـ(24) ساعة الأولى لدخول المريض، بالإضافة إلى أدوية الأطفال أقل من خمس سنوات، كل مستهلكات غسل الكلى، أدوية زارعة الكلى والكبد، أكثر من (50) صنفا من أدوية السرطان، مستهلكات بنك الدم، أدوية الملاريا والدرن والإيدز، كل تلك الأدوية توزع مجاناً، بالإضافة إلى أدوية تباع بأسعار اقل من سعر السوق حسب ما ذكر مدير الصندوق، واعتبر جمال التحدي الأكبر الذي يواجه الصندوق هو إيصال هذه الأدوية إلى المستهلكين مجاناً دون دفع رسم واحد معتبراً أنهم يحتاجون إلى مجهود أكبر في توفير معينات الحركة للفروع لتتمكن من إيصال الدواء.

حصول الإمدادات على النقد الأجنبي بالسعر الرسمي أدى إلى ثبات أسعار الأدوية التي تبيعها، في هذا الاتجاه يقول جمال إن أسعار الدواء موحدة في جميع ولايات البلاد للمواطن ومطبوع في كل عبوة سعرها وإذا تم صرف أي دواء بأعلى من السعر الموضح على العبوة فعليه الاتصال بالرقم (5959) المخصص للشكاوي، مبيناً أن أدوية الإمدادات تباع للمؤسسات الحكومية بنسبة (89%) وجميعها أدوية أساسية، (11%) منها تباع للمنظمات والمستشفيات الخاصة، معللا ذلك بأن الصندوق لا يدخل سوق الدواء لينافس القطاع الخاص إنما يوفر الأدوية التي لا يوفرها القطاع الخاص، مضيفاً أن الشراء الموحد للأدوية بين المؤسسات الحكومية وفر للدولة نحو (12) مليون يورو في العام الماضي حيث شارك في العطاء التأمين الصحي والشرطة والقوات المسلحة وقوات الأمن، ما جعل تنافس الشركات على العطاء أعلى. التحديات التي تواجه الصندوق وأفرعه كثيرة أهمها توصيل الدواء لمستحقيه وضبط التسريب للأدوية المجانية، حيث أقر خلف الله بضبط أدوية مجانية للأطفال تباع في السوق وتم اتخاذ إجراءات قانونية تجاه المخالفين.

مشكلات الوفرة الدوائية تكمن في ندرة بعض الأصناف الدوائية واختفائها من السوق كما حدث لأدوية (الأزمة) مؤخراً، وهنا يشير جمال إلى أن الشركة المنتجة لأدوية الأزمة انسحبت من السوق السودانية بسبب الحظر الاقتصادي المفروض على البلاد، ما خلق فجوة كبيرة في الصنف، لافتاً إلى سعهيم مع الشركاء في منظمات الأمم المتحدة لإحداث اختراق في الحظر بالتعاون مع بعض منظمات الأمم المتحدة لسد الفجوة في بعض الأصناف الدوائية مثل أدوية الأزمة وغيرها من الأدوية التي خضعت شركات إنتاجها للحظر الأمريكي على السودان.
بالنسبة لجمال فإن أكبر المشاكل التي تواجه الوفرة الدوائية مشكلة الحظر الاقتصادي وعدم تعامل عدد من البنوك والمؤسسات العالمية مع السودان، مشيراً إلى أن بنك السودان يوفر العملة للصندوق لكن مشكلة التحويلات تصبح عائقاً أمام توفر الدواء في بعض الأحيان، لافتاً إلى أن الصندوق يسعى إلى توفير الدواء لكل المؤسسات الحكومية وتوصيله للمستفيدين من الخدمة ويشير إلى أنه على المواطن أن يكون رقيباً على حقه في عدم شراء الأدوية المجانية والتبليغ عن أي دواء يباع بأعلى من سعره الموضح على العبوة.

الخرطوم – خضر مسعود
صحيفة اليوم التالي