سعد الدين إبراهيم

شخصية (إيلا) انطباع شخصي


لابد أنكم أعزائي القراء.. اطلعتم على أخبار وتقارير عن مؤتمر الوالي
دكتور (إيلا) في نفرة تنمية ولاية الجزيرة واستقطاب أبنائها من رأسمالية
وإعلاميين وغيرهم.. لكن ما أود التعليق عليه شخصية الوالي (إيلا).. فقد
عرفته منذ أن كان وزيراً للطرق وكنت أحس بأن هذا الرجل مختلف.. مرت الأيام
وتقلب في المناصب فأنجز ما جعله من أوائل الولاة الذين رضي عنهم الإعلام
والقيادة. أدار السفير “كرار التهامي” المؤتمر باقتدار بأريحية فائقة..
كما قدمت وزيرة الثقافة المحترمة واليها بطريقة أخاذة حتى داعبتها قائلاً:
“لو لم تكوني وزيرة لطالبت بأن تكوني مذيعة بما تملكين من كاريزما..
ترتيب في الأفكار وتواضع في التعامل وبساطة سودانية محببة”.. طبعاً كعادة
الإعلاميين لم تنحصر أسئلتهم في موضوع المؤتمر إنما في نقد تجربة
الوالي.. بعضهم كان حاداً في عرضه وبعضهم كان هادئاً.. وبعضهم كان مغبوناً
أراد أن يفش غبينته.. إحساسه بتهميش منطقته لم يتركوا الصحة ولا التعليم
ولا الطرق ولا مشروع الجزيرة ولا الاستثمار الأجنبي وخصومات أعضاء
المؤتمر الوطني.
لكنه بهدوء أجاب على كل الأسئلة دون حنق أو زعل.. أو مجابهة حدة النقد
بحدة مماثلة.. كان هادئاً.. مرتباً.. في عرضه قلت للزميلة “أم وضاح” ألم
تلاحظي أن الرجل لا يقرأ من ورقة ويتحدث من الذاكرة وهو يعرض إحصائيات
وأرقام ومواقف، فقالت لي: ما شاء الله عليه.. هذا النوع من القيادات
يتمتع بما يسمى الثبوت الانفعالي وهو ضروري للقائد حتى يعصمه من اتخاذ
القرارات الخاطئة.. من صفاته أيضاً ميله (للتحديث) وابتكار وسائل جديدة..
التعويل عليه في التغيير كأنه يملك عصا موسى جعله يعقد موازنة بين الواقع
والطموح.. فقد عرف أن مستوى الطموح دائماً لا يوازي الواقع.. نموذج ذلك
اختيارهم في مجال التعليم لأسوأ المدارس ومن ثم العمل على النهوض بها..
وهذه تجربة متفردة ميزتها أنها تقود إلى تجديد الأمل.. فإن استطعت النهوض
بالأسوأ فإن ذلك يفتح أبواب الأمل للأقل سوءاً حتى يتطور فيمضي إلى
الأمام.
إنه بدأ مستلهماً الآية الكريمة في سورة الرعد “إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ”.. فعمد إلى التغيير نحو الأفضل إن شاء الله..
ولكن كيف يحرض القوم على تغيير ما بأنفسهم هنا تجده في الفكرة السابقة
البدء بتغير الأسوأ أولاً.. وقد لاحظت أيضاً في محاولته لتحقيق التنمية
يقترح الاعتماد على الذات.. وأتمنى أن يوفق في ذلك حتى يتجنب أخطار
المساندة الخارجية مع أنه لم يغلق الباب أمام الاستثمار الخارجي في موضوع
المحالج التي خضع بعضها للاستثمار الصيني فيما أعتقد.
عموماً شخصية (إيلا) فرضت نفسها على المشهد.. وهذا ما يعجبني في كل امرئ
تسنم قيادة سياسية أو فنية أو رياضية أو اجتماعية.. عموماً هذه محاولة
للكتابة عن انطباعي عبر المؤتمر الصحفي عن شخصية والي الجزيرة وأركان
حربه بعيداً عن تغطية وقائع المؤتمر التي – قطع شك – قام بها غيري في أحسن
صورة.