مقالات متنوعة

محمد وداعة : تحاويل البنوك .. وتحايل بنك السودان!


بجوار خزينة النقد الأجنبي وفي واحد من كبريات البنوك نجد الإعلان الآتي، إلى عملائنا الكرام ( إن صرف التحاويل الواردة بالعملات الأجنبية نقداً بالدولار للعملات، يتوقف على رصيد خزينة البنك من الدولارات، وكما تعلمون فإن العملة المحلية الورقية يمكن الحصول عليها من بنك السودان في أي وقت، أما العملات الورقية الأجنبية فتعتمد في الحصول عليها من مشتروات القادمين فقط إذ ليس البنك المركزي مسؤولاً أن يوفرها لأنه لا يصدرها، وسيسعى البنك جاهداً لتوفير ما يحتاجه العملاء من مشترواته ومما يمكن أن يحصل عليه من البنوك الأخرى، أما إذا تعذر ذلك فإننا نضع أمام العملاء الخيارات التالية: (1) الحصول على ما يعادل التحويل بالريال السعودي أو الجنيه الإسترليني أو أي عملة أخرى متوفرة لدى البنك (2) إضافتها لحساباتهم بالعملة الأجنبية (3) الحصول على التحويل بشيك مصرفي (4) تحويلها الى أية جهة يريدونها (5) بيعها لصرافة البنك بسعر شراء البنك السائد يوم الصرف (6) ونود أن نؤكد أن جميع هذه البدائل متاحة للعميل وأن أرصدة البنك من العملة الأجنبية متوفرة لمقابلة أي تحويل. ولكن قد يكون العجز في العملة الورقية والتي نسعى لتوفيرها ما أمكن وإلا فالخيارات أعلاه مطروحة.
الخيار الأول تسليم المبالغ المحولة بغير العملات التي تم التحويل بها والمتوفر من العملات لمقابلة التحويل بالدولار فقط (الريال السعودي، الجنيه الإسترليي)، الإضافة للحساب وعدم التمكين من السحب منها نقداً، التحويل بشيك مصرفي غير قابل للصرف نقداً، تحويلها لأي جهة يريدونها لا يمكنها الصرف نقداً، بيعها لصرافة البنك بسعر شراء البنك السائد يوم الصرف! (حوالي 6.41 جنيه للدولار)، مضمون هذا الإعلان تعتمده أغلب البنوك الأخرى، وهو يتعارض مع آخر منشور معلن صادر من بنك السودان بخصوص تحويلات العملات الأجنبية، ويبدو أن بنك السودان وصل مرحلة متأخرة في أي التزام لتوفير النقد الأجنبي وفقاً لتوجيهات الحكومة، فلم يوفر البنك النقد الأجنبي لقطاعي الدواء والدقيق، وبعد إقرار سياسة لاستيراد بدون تحويل قيمة وجه بنك السودان البنوك بمخاطبة كل الموردين الذين يوفرون الدواء من مواردهم الذاتية لسحب أرصدتهم بالعملة الحرة (الدولار، اليورو، الدرهم) المخصصة للاستيراد من حسابات الاستيراد وذلك يعني أن بنك السودان لن يوفر أي اعتمادات بهذه العملات لأي عمليات استيراد، وبهذا فإن بنك السودان يتخلى عن أهم واجباته في تنظيم سوق النقد الأجنبي وتوفير سقوفات التمويل لعمليات الاستيراد.
هذا باختصار يعني اختناق الاقتصاد السوداني ومؤشر لعملية انهيار بدأت معالمها، وطبعاً هذا لن يساعد على تخفيض سعر الدولار، ويتفق الكثير من المراقبين أنها بمثابة تخفيض و(تعويم) غير معلن لقيمة الجنيه السوداني، وتحوله إلى ورقة لا قيمة لها، وتحذيرات من توقف الإنتاج نهائياً.
في الأسبوع الماضي أعلن وزير السياحة أن النشاط السياحي وفر (930) مليون دولار، وزارة المعادن تتحدث عن قرابة (2) مليار من مبيعات الذهب غير ذهب شركة (سبرين الروسية)، وحصائل الصادر الأخرى، أين تذهب هذه المليارات من الدولارات؟ وأين المساعدات العربية والخليجية والودائع القطرية؟ البنك يستلم تحاويل بالدولار فكيف يعجز عن صرفها لمستحقيها بالدولار، أيها الناس احترموا عقولنا وأوفوا بحقوقنا، إن قادم الأيام خراب ويباب، إنها النهاية.