مقالات متنوعة

هنادي الصديق : مهدد أمني


* في كل دول العالم يعتبر بند (العطالة) أحد أهم بنود الموازنة مع بداية كل عام، ويعتبر العاطل من أهم فئات المجتمع وشغل شاغل للحكومة التي تسعى بكلياتها إلى توفير ما يعينه مادياًً ليكون أحد أفراد المجتمع وتيسير السبل أمامه لإيجاد العمل الذي يناسبه في أسرع وقت والخروج بعد ذلك من عباءة الحكومة التي حتماً ستسترد ما صرفته عليه بالمقابل الموازي من الطاقة الإيجابية التي بعثتها فيه، حيث يقدم أقصى ما لديه من موهبة وطاقة ليكون مساهماً في ضخ المال في خزينة الدولة من خلال وظيفته.
* أما هنا فالعاطل يعتبر (مهدد أمني) للدولة كما ذكر رئيس لجنة العمل بالبرلمان عقب تقديم وزارة الموارد البشرية لتقرير يكشف أن حجم العطالة في البلاد في تضخم وأنه يوجد ما لا يقل 2 مليون عاطل عن العمل، 25% منهم جامعيين، من إجمالي القوى العاملة في البلاد البالغة 11 مليون نسمة.
* فإذا كان مسؤول العمل بالبرلمان أعلى سلطة تشريعية بالبلاد يرى أن العاطل مهدد أمني فمؤكد أنه في نظر العامة (سفاح يستحق الشنق).
* أوجب واجبات هذا النائب المحترم أن يتساءل عن أسباب عطالة هذا الشباب الذي يعتبر مستقبل الوطن، وسعيه وراء معالجة هذا الأمر أمر يُثاب عليه خاصة وأنه ينال مخصصاته المليونية للعمل مع الجهات المختصة لحلحلة مشاكل أسباب العطالة وتوفير فرص العمل العادلة لهؤلاء الشباب.
* نواب البرلمان والكثير جداً من المسؤولين الذين لا حاجة لخدماتهم يشكلون مهدداً اقتصادياً لهذا الوطن، لأنهم ينالون من المخصصات المادية والعينية ما يمكن أن يحل مشكلة البطالة والمياه والكهرباء والصحة والتعليم بكل ولايات السودان.
* الحكومة المترهلة هي سبب هذه البطالة المتفاقمة، وسبب الأمراض التي يعاني منها سكان المركز أكثر من الهامش، وسبب أزمات كل البلد وخاصة الحروب التي تتفتح جبهاتها كل يوم.
* بعيداً عن تحسين شروط الخدمة للعاملين بالدولة، وصوته الذي نسمع عنه كل يوم ولا نرى له طحينا، لابد من إيجاد حل لشروط استيعاب العاملين بالدولة وأعني هنا أصحاب الولاء والانتماء بعيداً عن معيار الخبرة والكفاءة والمؤهل، ولا أعتقد أن من بين الـ2 مليون عاطل من هو مؤتمر وطني أو حسيب أو نسيب لأهل المؤتمر الوطني، ما يؤكد أن العقلية التي تحكم السودان (اتجاه واحد).
* و(نزيف الهجرة) الذي يؤرق المسؤولين (حسب تصريحاتهم) والتي لا نعرفها إن كانت صادقة أم لا، لا ينفصل عن مشكلة البطالة في كل الأحوال، لأن الذي فقد الأمان في وطنه مؤكد سيبحث عنه حتى ولو بإسرائيل، لأن الشاب من حقه أن يعيش مثله مثل بقية أقرانه، يتمتع بحقه في العمل وحقه في تأسيس أسرة، وحقه حتى في تقديم خدماته لوطنه، والكثير جداً من الحقوق الإنسانية التي نصت عليها القوانين الدولية.
* من حق هذا العاطل أن يتمتع بحياته وفق ما يشتهي وليس وفق ما يشتهي له الآخرون، ومن حقه أيضاً التمتع بخيرات وطنه كما يتمتع بها الوزير والسفير ونائب البرلمان.
* الجلوس أرضاً لدراسة أسباب العطالة هو الحل الوحيد لمعالجة أزمة البلد، وضبط الخطاب الإعلامي مطلوب من جميع المسؤولين حتى لا يقعوا في المحظور.