مزمل ابو القاسم

عقد مريب.. وفساد معلن


* يحاولون طمس الحقائق الدامغة بأعذار واهية، ومبررات مثيرة للسخرية، لا تنطلي على طفل رضيع.
* في معرض تعليقه على ما أوردته (اليوم التالي) حول تقرير المراجع القومي بخصوص بطلان العقد الذي يربط وزارة الصحة ولاية الخرطوم، مع جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا (جامعة مأمون حميدة) حاول الدكتور زهير عبد الفتاح (مدير الطب العلاجي بالوزارة) أن يقلل من تأثير التقارير التي أصدرها المراجع بخصوص العقد المذكور، واصفاً إياها (بالدرافت والتقارير الأولية التي تخلو من أي شبهة جنائية)!
* ليتك تقنع المراجع بحديثك هذا يا دكتور زهير، لأنه أورد خلاف ما ذكرت، وأشار إلى حدوث (تحايل) في عقد التمديد الذي يربط وزارة الصحة مع جامعة مأمون حميدة (وتم بموجبه مد فترة العقد من عشرة أعوام إلى عشرين عاماً)، وأمن على وجود (اعتداء على الحق العام، وتحويل ريعه إلى المنفعة الخاصة)!
* إذا كان (التحايل والاعتداء على الحق العام وتحويل ريعه إلى المنفعة الخاصة) لا يحملان شبهة جنائية، فكيف هي الشبهة إذن؟
* فوق ذلك أشار المراجع إلى حدوث تضارب غريب في التواريخ الواردة في عقد التمديد الذي يربط الجامعة المملوكة للوزير د. مأمون حميدة مع الوزارة التي يتربع على قمتها د. مأمون حميدة!
* العقد المذكور أبرم في 19 نوفمبر 2000، لكن التاريخ الوارد في ختم التوثيق حمل تاريخ 5 مايو 1999!
* هل سبق لأي أحد منكم أن شاهد أو سمع بعقدٍ تم توثيقه قبل توقيعه بثمانية عشر شهراً؟
* كيف يستقيم عقلاً أن يسبق تاريخ التوثيق تاريخ التوقيع على العقد بعام ونصف العام؟
* لو كان حديث الدكتور زهير صحيحاً لما أوصى المراجع في خاتمة تقريره (بالتحقيق) في إجراءات العقد المذكور، ولما نص صراحة على مساءلة المتسببين في التضارب الذي شاب العقد المشبوه!
* حملت خلاصة توصيات المراجع القومي ما يلي:
* 1/ التحقيق في ملابسات العقد المذكور (وذلك لم يتم حتى اللحظة، مع أن تقرير المراجع حول المخالفات المنسوبة لجامعة الوزير بخصوص عقد المستشفى الأكاديمي صدر قبل أكثر من عامين)!
* 2/ العمل على إعادة المستشفى الأكاديمي إلى المنظومة الإدارية للوزارة، (وذلك لم يتم حتى اليوم)!
* 3/ حصر جميع ما تحصلت عليه الجامعة من مبنى طب وجراحة الأسنان (الذي بنته الجامعة داخل المستشفى بلا وجه حق)، وإعادته للوزارة (وذلك لم يحدث حتى اليوم)!
* 4/ تطبيق تدريب طلاب جامعة الوزير في مستشفيات الولاية بالقيمة، وفقاً للائحة التدريب التي أصدرتها الوزارة، من تاريخ تطبيقها، وحصر التكلفة، وتحصيلها لصالح الوزارة، بسبب بطلان العقد (وذلك لم يتم حتى اليوم)!
* 5/ اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بتنفيذ التوصيات أعلاه (وذلك لم يتم حتى اليوم)!
* 6/ إفادة المراجع العام ومدير جهاز المراجعة القومي بالولاية والجهات المعنية بما يتم اتخاذه من إجراءات، (وذلك لم يتم حتى اليوم)!
* من بين الجهات التي أشار إليها المراجع نيابة الأموال العامة، التي لم تستمع إلى إفادة المراجع حول ما ورد في التقرير الخطير حتى اللحظة، ولم تحول تلك المخالفات الجسيمة إلى القضاء، وقد ناشدنا السيد وزير العدل في هذه المساحة كي يوضح لنا مصير البلاغ الذي تم دفنه بليل للتغطية على كل التجاوزات التي أشار إليها التقرير، ولم نتلق منه شيئاً حتى اللحظة.
* ضرب الوزير مأمون حميدة بتوصيات المراجع القومي عرض الحائط، ورفض إخراج جامعته من المستشفى الأكاديمي، وأبقاها فيه بلا وجه حق، ليحصد المزيد من المكاسب غير الشرعية لجامعته، مثلما رفض أن يعيد الأموال التي نالتها الجامعة من عقدٍ باطل، تم إبرامه بالتحايل كما ورد في تقرير المراجع القومي.
* والأدهى من ذلك أنه سعى إلى مكاتب المراجع القومي بقدميه، معترضاً على ما ورد بشأن جامعته في التقرير الخطير.
* ما يحدث في هذه القضية الساخنة يكشف النقاب عن واحدة من أسوأ قضايا الفساد في تاريخ السودان، ومن المؤسف حقاً أن مسلسل التجاوزات الذي بدأ قبل سنوات طويلة ما زال متصلاً حتى اللحظة، وسط حالة من الصمت المريب.. لمصلحة من يتم ذلك؟
* إلى متى ستواصل جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا تربحها من عقد باطل، يربطها بمستشفى لم تخضع حساباته إلى المراجعة منذ العام 1997 إلا في العام الماضي، علماً أن المراجعين واجهوا عنتاً شديداً، ومشقة بالغة، كي يؤدوا عملهم، ويراجعوا الحسابات بعد أن رفض مدير المستشفى المذكور إخضاعها إلى المراجعة.
* هذه القضية الخطيرة غير قابلة للدفن، ولا تقبل التعامل معها بفقه السترة، ونحن سنواصل الطرق عليها حتى تعود أموال الشعب المنهوبة فيها، وحتى يستقيم عود وزارةٍ تشهد أسوأ أنواع تضارب المصالح، الناشئة عن تولي مستثمر في القطاع الصحي مسؤولية الإشراف على وزارة الصحة في عاصمة البلاد.