مقالات متنوعة

محمد لطيف : الصنافير وتيران.. وفيصل عبد الرحمن


(في مساء السبت 9 أبريل 2016، أصدر مجلس الوزراء بجمهورية مصر العربية بياناً بشأن الاتفاق على تعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية. جاء في البيان “أن الاتفاق جاء بعد عمل شاق وطويل استغرق أكثر من 6 سنوات، انعقدت خلالها إحدى عشرة جولة لاجتماعات لجنة تعيين الحدود بين البلدين، آخرها ثلاث جولات من شهر ديسمبر 2015 عقب التوقيع على إعلان القاهرة في 30 يوليو 2015”.
وجاء فيه أيضاً أن اللجنة “اعتمدت في عملها على قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لعام 1990 بتحديد نقاط الأساس المصرية لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية مصر العربية، والذي تم إخطار الأمم المتحدة به في 2 مايو 1990، وكذلك على الخطابات المتبادلة بين الدولتين خلال نفس العام بالإضافة إلى المرسوم الصادر في 2010 بتحديد نقاط الأساس في ذات الشأن للمملكة العربية السعودية”.
كما ورد في البيان كذلك أن “التوقيع والتصديق على الاتفاق سيسفر عن تمكين مصر من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية في البحر الأحمر وما توفره من فرص للاستكشاف والتنقيب عن موارد طبيعية إضافية للدولة”.
من حقنا أن نسأل، ومن حق القارئ أن يسأل: وأين كانت الدبلوماسية السودانية من كل ما تقدم من تطورات؟ سيكون هذا مدار البحث في هذا المقال، ولكننا سنوطِّئ لهذا البحث بشرحٍ لمنطقة حلايب البحرية.)
هكذا اختار عالمنا الجليل البروفيسور فيصل عبد الرحمن علي طه أن يكون مدخله لتناول قضية حلايب وشلاتين على ضوء الاتفاق السعودي المصري الأخير.. وقبل الخوض في الموضوع دعونا نقف عند هذا الخبير الذي يجتهد في التطوع بتقديم خبرته وإحاطته الواسعة لوطنه.. دون أن يجتهد المسؤولون فى هذا الوطن حتى في الاجتهاد في التفكير في كيفية الاستفادة من هذه الخبرات.. ولعل فيصل عبد الرحمن علي طه يظل فقط واحدا من هذه الخبرات التي لا تجد الفرصة لخدمة وطنها.. وسأندهش حقا إن لم يكن فيصل عبد الرحمن علي طه واحدا من مراجع الدولة وشهودها وخبرائها فى قضايا الحدود.. فليس أطول منه باعا وعلما وخبرة وإجتهادا في هذا المجال.. وكيف لدولة تكاد تكون كل حدودها في حاجة لإعادة ترسيم.. بل هي بالفعل في حاجة للدخول في مفاوضات مطولة ومعقدة.. مع كل جيرانها تقريبا.. لمراجعة حدودها وحفظ حقوقها.. ثم لا تسعى لخبرائها وعلمائها ليعينوها على القيام بهذه المهام.. فإن لم يكن فيصل يى مقام المستشار للدولة.. فلا أقل من أن يكون عضوا في واحد من المجالس الاستشارية ذات الاختصاص.. وهي مجالس تحتشد بكل من هب ودب.. من غير ذوي الاختصاص..!
ولعل مقدمة بروفيسور فيصل تثير أمرين مهمين.. الأول بالنسبة لمصر أن الدولة هناك هي الدولة.. لا تتغير إجراءاتها ومواقفها بتغير الأنظمة.. انظر لقرار جمهوري صادر من الرئيس مبارك يظل محتفظا بحجيته ومرجعيته مهما تعاقبت الأنظمة.. أما الأمر الثاني الذي فجره البروفيسور فيصل في مقدمته فهو تساؤله عن غياب الدبلوماسية السودانية.. أو بالأحرى غفلتها طوال سنوات استمرت فيها المفاوضات بين السعودية ومصر حتى توجت بالاتفاق الأخير والذى اعترف ضمنا بتبعية حلايب لمصر..!
والحق يقال هنا إن المسؤولية لا تقتصر فقط على الدبلوماسية.. فقضية الحدود وأراضي الدولة وحمايتها هي قضية أمن قومي من الدرجة الأولى وبالتالي فما يقال عن الدبلوماسية يمكن أن يقال كذلك عن أجهزة الاستخبارات والمخابرات كافة..!