عبد الجليل سليمان

حماية الصحافيين والأطباء


تحت ظروف عمل قاسيَّة يمارس الأطباء مهنتهم العظيمة، ومثلهم الصحافيون، ورغم تباين بعض التفاصيل بين المهنتين إلاّ أن ثمة قواسم بينهما، ما كنا نتمنى أن يكون الاعتداء المتكرر عليهم. إلاّ أن ذلك ما ظل يحدث بشكلٍ متكرر خاصة (ضد) الأطباء، كما لم يسلم منه الصحافيون بين فينة وأخرى، وخلال السنوات القليلة الماضية تعرض زملاء كثر ضمنهم يحيى فضل الله، عثمان ميرغني، هيثم كابو، وأخيرًا نوح جار النبي، إلى اعتداءات جسيمة كادت – لولا عناية الرب وتلطف القدر – تفقدهم حيواتهم.
والحال، أن لجنة أطباء السودان تحركت بقوة – وإن جاء الأمر مُتأخرًا نسبيًا – فيما وكعادته لا يحرك اتحاد الصحافيين راكدًا خلا بيانات الإدانة والشجب، فبينما نظمت لجنة الأطباء إضرابات واعتصامات ومضت قُدمًا من أجل سن قوانين وتشريعات صارمة تقضي بتوفير الحماية لمنسوبيها وإنزال عقوبات صارمة على المعتدين، يلوذ اتحاد الصحافيين بعبارات التنديد والتحذير، وما إليها من محفوظات البيانات، وكأن إراقة وسفح دماء منسوبيه أمرًا غير ذي بال، ولا يستدعي (قلب) عالي الدنيا سافلها.
ولكي ما نكون منصفين، فليس الاتحاد وحده، من تقع المسؤولية على عاتقه، بل تتحمل إدارات الصحف قِسطًا وافرًا مِنها، كونها تتعامل بأريحية (تامة) وتشرع أبواب مقارها على مصاريعها لكل من هب ودب دونما ضوابط وقيود، وهكذا يظل (حراس) بوابات الصحف محض إكسسوار إداري لا فائدة منه، طالما بإمكان أي شخص يتمنطق سيفًا أو يتذرع مِدية أو يخاصر سلاحًا ناريًا، الوصول إلى هدفه وبغيته بسهولة ويسر، وهذا ما حدث أول أمس في مقر صحيفة الأسياد، إذ سدد رجل (مجهول) كما قيل – وهو ليس كذلك بالتأكيد – طعنات من (سكين) كانت بحوزته إلى الزميل نوح جار النبي.
بطبيعة الحال، فإن الرجل لم يكن مجهولًا، وهذا ما أكدته تصريحات الزميلة بالأسياد فاطمة الصادق التي نقلتها عنها يومية الوطن – عدد أمس- بأنها لاحظت تردد هذا الشاب على الصحيفة وبحوزته سيفًا لأكثر من ست مرات خلال الشهرين الماضيين، بل أكثر من ذلك، إذ أعلن هذا الشاب المسلح بحسب فاطمة الصادق، أن ينوي إطاحة رأسي الرشيد علي عمر ومحمد عبد الماجد، وأضافت: رغم ذلك لم نأخذ الأمر على محمل الجد!!
أرأيتم؟ رجل يتردد على الصحيفة ست مرات خلال شهرين حاملاً سيفه بيمينه وتصريحاته بشماله، “أريد قتل فلان وفلان”، ثم يا فاطمة الصادق “لم نأخذ الأمر مأخذ الجد”، هل كنتم تظنون أنه يمزح معكم بسيفه وسكينه؟ إذن، دعوني أهنئكم على ذلك، وأشد على يديكم بقوة على صفاء سريرتكم التي كادت تزهق روح زميلكم نوح وتصعد بها إلى الأمجاد السماوية، وإن لم يكن نوح لربما كان الرشيد أو محمد أو حتى فاطمة (بعد الشر على الجميع)، بيد أن توخي الحذر والحرص والتعامل بجدية وصرامة مع أمور كهذي ضروري وواجب، وعلى إدارات الصحف وطاقمها الأمني تحمل مسؤولياتهم كاملة فيما يحدث وما سيحدث لاحقًا – لا قدر الله – من اعتداءات على منسوبيهم خاصة أثناء وجودهم في مقار الصحف.