مقالات متنوعة

هناء إبراهيم : إسمو تعبييييييير


من أنجح نظم التعليم في العالم، التعليم الذي يجعلك تفعل ما تحب وتعبر عن ما تحس. ومن تناقضات الدراسة عندنا حين تجد سؤالاً بامتحان اللغة العربية يسألك عن رأيك اللي هو رأيك في قول الشاعر: كلا، لا ذنب لمن قتلت عيناه ولم تقتل يده
هذا البيت من قصيدة ظلت تعجبني في كافة مزاجاتي، وطبعاً أساساً ما ح يدونا قصيدة زي دي، كفاية علينا (مكر مفر مقبل مدبر معاً كجلمود صخر حطه السيل من عل)..
المهم أنك تجتهد بكل صدق وتكتب رأيك في البيت أعلاه ثم تكتشف عند توزيع الأوراق والدرجات أن رأيك غلط..
ياخ مش قلت عايز رأيي؟!
هذا رأيي..
والله لو عندي رأي تاني أحسن من هيك ما كنت عزيتو عليك..
(غلط كيفين يعني).
إذا حضرتك عايز رأيك أو رأي الكتاب بتسألني أنا ليه؟!
ما تضيع وقتك معاي.
وهسه شربنا الشاي..
لصديقتي العسل “نهلة فضل” حكاية قديمة بخصوص هذا الموضوع، فحين عودتها من “لندن” لأول مرة ذات طفولة، كانت وقتها في الصف السادس تقريباً، تفاجأت حينها بمفارقات الخريف بين “لندن” و”الخرطوم”.
وكمية الطين والذباب والحفر والمعاناة و(دخلوا المراتب المطرة جات، أقفلوا الشبابيك الموية دخلت) ومسلسل الكهرباء قطعت وكافة حالات الطوارئ المعهودة لدينا.
وفي خضم ذلك الوضع المأساوي طلبت منهم معلمة اللغة العربية تعبيراً عن الخريف.
فكتبت “نهلة” مشاهداتها وعبرت بكل صدق عن حركات الخريف الشافتو..
ثم في طابور الصباح حضرت المعلمة تحمل كراساً وسألت: أين “نهلة فضل”.
حيث طلبت منها أن تأتي لتقرأ تعبيرها أمام خلق الله..
“نهلة” مبسوطة حينئذ.. لأن تعبيرها أعجب معلمتها (ما عارفة حاجة ساي).. فوقفت بكل فخر تقرأ بتلك الطريقة الواثقة (إن الخريف من أسوأ فصول السنة في السودان…..) والبنات يضحكن..
تتوقف “نهلة” مع الضحك فتطلب منها المعلمة أن تواصل و(ما تشتغل بيهن) ..
انتهت “نهلة” من قراءة التعبير واضعة ابتسامة على آخر السطر.
ضحكت المدرسة فصل فصل أما “نهلة” فقد ضربتها الأستاذة قائلة: دي نظرة تشاؤمية.
اتفرجتوا؟!
نان أكذب يعني؟!
يعني لازم كل تعابير الخريف تكون شبه بعض.. وبذات النفاق.
ثم إسمو تعبير..
تعبيييييييييير..
أقول قولي هذا من باب الاحتجاج المتأخر
و………
بس