تحقيقات وتقارير

البشير : برنامج إصلاح الدولة بدأ يؤتي ثماره خيراً وبركة على أهل السودان


وسط أجواء صباحية غائمة بدأت أمس (الاثنين)، دورة الانعقاد الثالثة للهيئة التشريعية القومية، مع توقعات من الشارع السوداني بأن تحسم الدورة كثيراً من القضايا والموضوعات العالقة، على رأسها الحوار الوطني والعلاقات مع دولة الجنوب ومسائل الحدود مع دول الجوار، إضافة إلى التحديات الاقتصادية الراهنة والوضع المعيشي، غالبية هذه الموضوعات وليس مجملها، حملها خطاب رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية للهيئة كعناوين عريضة، بجانب قضايا أخرى، بالإشارة إلى خطة الدولة للمرحلة المستقبلية وطرح ملامح عن الأداء في العام الماضي، على أن تعقبها تفاصيل بيانات الوزارات.
(المجهر) رصدت الجلسة التي شرفها بالحضور عدد من ممثلي القوى السياسية والسفراء والدبلوماسيين، حيث تم استقبال رئيس الجمهورية بالتشريفة، واصطف رؤساء اللجان البرلمانية خارجاً لاستقباله قبل دخوله للقاعة، وعزف السلام الجمهوري تحت القبة إيذاناً ببدء الدورة.
*الحوار الوطني:
أكد رئيس الجمهورية في مفتتح خطابه أن بداية العام بانطلاقة فعاليات الحوار الوطني الذي شهد مشاركة سياسية واسعة وغير مسبوقة، في جلسات استمرت لأيام وشهور عديدة، وشارك فيه كل ألوان الطيف وستشكل مخرجات الحوارين السياسي والمجتمعي، أساساً لمرحلة تاريخية مهمة في تاريخ السودان الحديث، وهي وثيقة وطنية تخاطب القضايا الإستراتيجية للدولة السودانية وتمثل مرتكزاً أساسياً للدستور القادم.
*برنامج الإصلاح:
وذكر أن برنامج الإصلاح الذي انتظم الجهاز التنفيذي في كافة مستويات الحكم، بصدور عشرات القرارات والتوجيهات الرئاسية، في المحاور المختلفة، وقال إن تلك الإجراءات الإصلاحية بدأت تؤتي ثمارها خيراً وبركة على أهل السودان، حيث استصحب الإصلاح التنفيذي بجهود تشريعية خلال العام الماضي بإجازة (21) مشروع قانون.
*فرض هيبة الدولة:
وقطع “البشير” بفرض هيبة الدولة وسيادة حكم القانون في مناطق الصراعات، بتنفيذ عمليات نوعية قادتها قواتكم المسلحة مستفيدة من التقنية الحديثة في إدارة وتنفيذ الخطط العملياتية لتحقق قواتنا المسلحة مسنودة بالقوات النظامية الأخرى، تحقق انتصارات حاسمة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق لتنكسر شوكة التمرد إلى الأبد بإذن الله، لحماية المواطنين وممتلكاتهم من أعمال الخارجين على القانون، مما أفضى إلى نشر الأمن والاستقرار في أنحاء البلاد المختلفة، ذلك بنزع كامل للسلاح من أيدي الأفراد والجماعات لتعود بلادنا آمنة مطمئنة، والتكامل مع العمل العسكري والعمل الأمني والعمل الشرطي، فقد كان للانتشار الشرطي الجنائي الأثر البالغ في خفض معدلات الجريمة، لتحافظ بلادنا على سجل هو الأفضل في محيطنا الإقليمي من حيث انخفاض معدل الجريمة، كماً وكيفاً.
*الأوضاع الخارجية:
واستعرض الرئيس في خطابه الأوضاع الخارجية وقال واصلت الدبلوماسية السودانية الانفتاح على العديد من الدول الصديقة والشقيقة، والمنظمات الإقليمية والدولية، وما مشاركة السودان في عاصفة الحزم إلا دليل على متانة علاقاتنا على المستوى العربي والإسلامي، وتأكيداً لصدق بلادنا وعميق إيمانها بوحدة الهدف ووحدة المصير، كما عمدت الدبلوماسية الوطنية إلى إقامة علاقات ذات طابع إستراتيجي مع بعض الدول الصديقة والمؤثرة على الصعيد الدولي كالصين وتطوير العلاقات مع الأصدقاء في تركيا والهند والبرازيل وروسيا وألمانيا، وسنحتفل قريباً بمرور ستين عاماً على العلاقات السودانية الروسية، أما علاقة السودان بدول الجوار فإنها تقوم على الإخاء وخدمة المصالح المشتركة واحترام السيادة الوطنية.
*استفتاء دارفور:
وأعلن “البشير” التزام الحكومة بنتائج الاستفتاء، مؤكداً تنفيذ اتفاقية الدوحة للسلام في دارفور بكل شفافية، مشيداً بالنهج الحضاري الذي تم به الاستفتاء.
*توجيهات للإعلام:
وأمن الرئيس على قيمة الحرية للإعلام لكنه شدد على ربطه بالمسؤولية، وقال مفهومنا في الشورى وفي الديمقراطية يضع هذه القيمة في مكان عالٍ، وأهمية وسمو الكلمة الحرة لا تخفى على أحد، ولكن بعضاً منا يغفل عن المسؤولية الملقاة على الإنسان الحر، فالحرية ليست قيمة منقطعة ليست لها صلة بقيم أخرى، فالكلمة الحرة ليست كاذبة على الناس ولا مشوهة لكلامهم، فالعمل الحر ليس ضاراً بالآخر أو بالمجتمع أو بالوطن، والسلوك الحر ليس ضد الأخلاق أو الأعراف الحميدة، حقيقة أنا وأنتم نريد للمواطن أن يكون حراً ومسؤولاً وأجدني في بعض الأوقات أشعر به وربما تجدون أنفسكم كذلك – بمقارنة بين الحرية والمسؤولية مما يضطر أجهزة الدولة إلى التدخل بما يحسبه البعض اختراقاً للحرية، وتراه الأجهزة حفاظاً على أمن الدولة أو سلامة المجتمع أو أمراً جللاً آخر، ولذا فإني أدعو الجميع إلى أن نعظم من قيمة الحرية وأن نذكر في ذات الوقت أنها تمارس في صيغة حزمة من القيم والمبادئ والأعراف الحسنة لمجتمعنا.
*الاقتصاد
لقد ظلت الدولة تولي أمر استقرار الاقتصاد اهتماماً كبيراً باهتمامها بالسياسات المالية والنقدية لزيادة الإنتاج والإنتاجية، فجاءت مؤشرات العام 2015م تؤكد تعافي اقتصادنا الوطني من إفرازات الأزمة المالية العالمية وانفصال جنوب السودان، فقد بلغ معدل نمو الناتج المحلي (5,3) بنهاية العام مقابل (3,6) للعام الماضي، بفضل زيادة معدلات الإنتاج الزراعي باستخدام حزم التقانة في إنتاج الحبوب الغذائية والزيتية، فيما انخفض معدل التضخم إلى (13,1%) بنهاية العام مقارنة بنسبة (40%) في العام 2014م.
ثم جاء مشروع التحصيل الإلكتروني محققاً نجاحات كبيرة ومعززاً لجهود ترقية الإيرادات العامة للدولة، وتضاءلت عمليات التزوير..
وأشار إلى ارتفاع حصيلة الصادرات الزراعية إلى (724) مليون دولار للعام 2015م، فيما زادت حصيلة صادرات الثروة الحيوانية إلى (874) مليون دولار، بزيادة تجاوزت (55%) عن العام السابق، ونبه إلي خطة العام الحالي بتطوير إنتاج الصمغ العربي وتصنيعه وتطوير الإنتاج الحيواني بإضافة مسالخ حديثة ومدابغ متطورة لتحسين إنتاج الجلود والصناعات الجلدية.
ولقد استقر إنتاج الخام العام الماضي، فيما زادت الكميات المستوردة من المنتجات النفطية بنسبة (64%) عن العام الماضي، نتيجة لزيادة استهلاك الجازولين، وتتواصل الأعمال الاستكشافية والإنتاجية لزيادة الاحتياطي النفطي وضمان استمرار الإنتاج.
كما ارتفع إنتاج الذهب خلال العام الماضي إلى (82.3%)، فيما تشهد بلادنا إقبالاً كبيراً من المستثمرين الأجانب، حيث ارتفع عدد الشركات الأجنبية التي تستثمر في كافة القطاعات.
وأكد سعي الحكومة للنهوض بالقطاع الصناعي، مشيراً إلى ارتفاع عدد مصانع الدواء العاملة بالبلاد إلى (23) مصنعاً تنتج أدوية بشرية ومحاليل وريدية ومستلزمات صيدلانية وأدوية بيطرية مختلفة، وتغطي الصناعة المحلية نحو (62%) من كمية الدواء المستهلك بالبلاد.
وتتواصل الأعمال في مجال البنيات الأساسية، حيث بلغت نسبة الإنجاز في مجمع سدي أعالي “عطبرة وستيت” (97%) للأعمال الرئيسة، و(80%) للأعمال الميكانيكية، وانطلقت محطة “أم دباكر” الحرارية بطاقة (500) ميقاواط لتبلغ الطاقة المنتجة من الكهرباء خلال العام الماضي (12961) قيقا واط ساعة، بزيادة بلغت (13,9%) عن العام السابق، منها (8436) قيقا واط ساعة توليد مائي، (4525) قيقا واط ساعة توليد حراري، وبفضل هذه الزيادة في الطاقات المنتجة بلغ عدد المشتركين في خدمات الكهرباء (2,3) مليون مشترك، بزيادة (4%) عن العام 2014م.
*الصحة والدعم الاجتماعي
وقال إن تحصيل الزكاة بنسبة أداء (105%) من المخطط للعام 2015م، وتم الصرف الفعلي وفقاً لما هو مخطط، حيث بلغ عدد المستفيدين من مصارف الزكاة (2.411.086) أسرة، وزادت التغطية التأمينية للتأمين الصحي من (23%) إلى (39%) من إجمالي الأسر المستهدفة في السودان، حيث أصبح عدد المشتركين (13.933.615)، وأولت الحكومة الشرائح الضعيفة في المجتمع اهتماماً خاصاً، تمثل في زيادة عدد الأسر المستفيدة من الدعم الاجتماعي المباشر من (350) ألفاً إلى (500) ألف أسرة، وتتجه الجهود إلى رفع عدد الأسر المستفيدة من هذا الدعم إلى (600) ألف أسرة خلال هذا العام.
ونبه إلى أن الحكومة وضعت خطة لمكافحة الأمراض غايتها التوسع في برامج الرعاية الصحية الأساسية من خلال برامج وخطط محددة، فضلاً عن جهود خفض أسباب المعاناة في الوضوع والاهتمام بصحة الأمهات والأطفال، بجانب توفير الدواء مجاناً للأطفال أقل من (5) سنوات بنسبة (72%) وتقوية نظم الرقابة على الأدوية بوضع موجهات لتسجيل الأدوية.
أما في إطار نقل التخصصات الدقيقة للولايات، فقد تم توزيع واستيفاء عدد كبير من الاختصاصيين وبذلك تم توطين (54%) من التخصصات المستهدفة بالولايات، وتوفير الأجهزة والمعدات الطبية المختلفة، كما بدأ العمل في إجراءات تأهيل (91) مستشفى ريفياً، وسيشهد العام الحالي توفير المعدات لمائة غرفة ولادة بالمستشفيات الريفية وتدريب (3) آلاف قابلة على بروتوكولات الأمومة الآمنة، وتوفير (111) عربة إسعاف مجهزة وتوزيعها على المحليات، الأمر الذي سيؤدي إلى تحسين مستوى الخدمات العلاجية والوقائية بأنحاء البلاد المختلفة.
كما تم تقديم خدمات الغسيل المجاني للكُلى الذي استفاد منه (6200) من المرضى في مختلف الولايات، وذلك من خلال (62) مركزاً موزعة على (16) ولاية من ولايات السودان، وقد استطاعت الحكومة أيضاً زيادة عدد الماكينات العاملة في هذا المجال من بضع عشرات إلى (850) ماكينة.
*مجال الاتصالات
وذكر الإنجازات التي تحققت في مجال الاتصالات والمعلومات، حيث بلغ عدد مشتركي الهواتف السيارة (28) مليوناً في العام 2015م، فيما بلغ عدد مستخدمي الانترنت نحو (11.5) مليون مواطن، مما حفز على انطلاقة الحكومة الإلكترونية وتقديم (700) خدمة من خلالها، ليصبح انتقال بلادنا إلى الحكومة الإلكترونية والحكومة الذكية واقعاً في المستقبل القريب، مؤكداً سعيهم لأن يكون التعامل الإلكتروني الذكي حافزاً في كل مستويات التعليم.
*”البقل أدبو علي البلد بنقطع رقبتو”
(نحنا ناس أقطع لي وأقطع ليك)، هذا ما قاله رئيس لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان الفريق “أحمد إمام التهامي” في رده على (المجهر) حول إمكانية تدخل الأمن الاقتصادي لحسم انفلات أسعار الدولار، وقال (نحنا ناس قطع بس والبقل أدبو علي البلد دي بنقطع رقبتو) ، وأكد في تعليقه على خطاب الرئيس وجود مؤشرات لهدوء أمني بكافة أنحاء البلاد بعد حسم التمرد، وقال تنفيذ الاستفتاء الإداري بدارفور والحوار كلها تصب في مصلحة السلام، مشدداً على ضرورة محاسبة الأجهزة المختصة على أي تقصير بعد الاستماع للبيانات التفصيلية للوزارات.
*الرفاهية لم تتحقق:
أكدت البرلمانية “سهام حسن حسب الله” حزب التحرير والعدالة، في تعليقها على خطاب الرئيس الذي ألقاه أمام الهيئة (أمس)، بأن الخطاب حوى المضامين لاحتياجات الشعب السوداني لكن العبرة في التنفيذ، وأشار إلى أن الخطاب في الدورة السابقة تحدث عن الرفاهية للشعب لكن مرت الدورة دون تحقيقها على أرض الواقع، بسبب أن الوزراء لم يتحلوا بالمسؤولية، لذا نأمل أن يتخذ الرئيس قرارات سياسية لتنفيذ مخرجات الحوار، ونبهت إلى أن الخطاب أغفل الإشارة للقضايا المعيشية، وأضافت الشعب أصبح فقيراً ويبحث عن لقمة العيش ليصبح حياً، وقالت نأمل من النواب أن يخافوا الله في القسم الذي أدوه بتناول قضايا المواطن.
*المالية تكذب ارتفاع الدولار
كذب وزير الدولة بالمالية د.”ضرار” ما ورد من تصريحات عن ارتفاع الدولار إلى (14) جنيهاً في السوق الموازي، وقال للصحفيين بالبرلمان (أمس)، الدولار لم يصل (14) جنيهاً وظل يردد (لا.. لا ما صاح طبعاً ما صاح ما صاح).

*توقعات بتدهور الاقتصادي
أقر البرلماني المستقل “أبوالقاسم برطم” بأن خطاب الرئيس أغفل القضايا الحساسة التي تتعلق بمعاش المواطن ومحاربة الفساد والتنمية، وقال الخطاب مجافٍ للواقع كنا نتوقع الحديث عن ما تم من إنجازات وتساءل وين خفض التضخم الآن الدولار وصل (14,800) جنيه، وشوال السكر (450) جنيهاً، وأضاف لا توجد رؤية أو تخطيط واضح، متوقعاً مزيداً من التردي الاقتصادي في الفترة القادمة.
*مطالبات للبنك المركزي
اقترح الخبير الاقتصادي والبرلماني د.”بابكر التوم” ضرورة زيادة الإنتاج وتقليل الوارد وزيادة الصادر لتوفير العملة الأجنبية وخفض الدولار مقابل الجنيه، بجانب تسهيل إجراءات الصادر وتشجيع الاستثمار، وشدد بأن البنك المركزي عليه توفير الدولار وضخ مبالغ كافية للحاجات الأساسية وإجراء دراسة تحدد الحاجة مع متابعة تنفيذ المعالجات.
*مشاهدات من باحة البرلمان
“الطاهر” يبحث عن نفّاج للهروب:
حاصر صحفيو البرلمان رئيس البرلمان الأسبق مولانا “أحمد إبراهيم الطاهر” لانتزاع تصريح منه خاصة وأن “الطاهر” آثر الصمت عن التصريحات منذ تنحيه عن رئاسة البرلمان، واستنجد قائلاً ( تعالوا يا النواب افتحوا لي نفاج) ، وقال رداً على سؤال حول خطاب الرئيس (انتو الخطاب ما واضح ليكم، أنا برضو ما واضح لي)، واستدرك (انتو أمشوا حللوا الخطاب وقولوا رايكم)، ورئيس الجمهورية أدى الإعلام الحرية الكاملة، ونصح “الطاهر” الصحفيين بنقل الخبر كاملاً دون انتقاص، موضحاً زمان كانت الصحف تنقل الخبر كما هو دون حذف وبعدها يبدي رئيس التحرير رأيه إن كان مخالفاً، وقال (أنا بقول ليكم الكلام دا لأنو انتو لسه شباب والناس بفتكرو إنكم بتحوروا الكلام عشان كدا ما بصرحوا).

*”قوش”: (أنا مسكين)
رصدت (المجهر) (أمس)، عقب الجلسة حواراً هامساً بدا عليه الطابع الأمني ما بين مدير جهاز الأمن السابق البرلماني الفريق “صلاح قوش” والعميد السابق بجهاز الأمن د. “مصطفى الضوء” رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، وحاول الصحفيون استنطاق “قوش” حول رأيه في خطاب الرئيس إلا أنه رد ممازحاً (أنا نائب مسكين)، وأضاف (وانتو ما مفيدين والكلام لمن يكون ما مفيد أحسن الزول يسكت).

المجهر