مقالات متنوعة

هنادي الصديق : هاجروا إلى الله


* لم أسمع طيلة فترة حكم الإسلاميين التي تجاوزت الـ26 عاماً، ومن مختلف قياداتهم سواء أكانت، شابة أو طاعنة في السن، من يملك ناصية الحديث والخطابة بأسلوب سياسي رصين وعميق، فخطابهم السياسي إذ يغلب عليه طابع العاطفة الفجة والاستجداء حسب الحاجة، وأحياناً التهديد والوعيد والويل والثبور وعظائم الأمور عملاً بالمثل القائل، (دُقَ القراف خلي الجمل يخاف).
* ولم يذهب القيادي الاسلامي، الأمين دفع الله بعيداً عن أبناء (ملته) وهو يخطب في مدينة الضعين بولاية شرق دارفور مهدداً ومتوعداً كعادة الإسلاميين، مؤكداً على أنهم ماضون في برنامجهم (الهجرة إلى الله)، ولا أحد يدري عن أيّ هجرة يتحدث.
* هذه العبارة تكررت كثيراً حتى ملَ الشعب سماعها، وهي كما يردد العامة أصبحت (فرمالة) الاسلاميين التي يلجأوون إليها متى ما دعى داعي (الجهاد).
* الشيخ الجليل يدعو مواطنو دارفور، عقب إنتهاء مراسم عملية استفتاء دارفور(المحسومة قبل أن تبدأ) كما الإنتخابات، إلى العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله وكأنما أهل دارفور من المؤلفة قلوبهم، أو جاءوا من (الفاتيكان)، ناسياً أو متناسياً بمعنى أصح أن لمواطن دارفور قضية مطلبية عادلة، دفع ثمنها غالياً ولا زال، ولكن يظل الإعلام (الحكومي المُوجَه) يُصر على تصوير المشهد وفق رؤية الشيخ وحيرانه.
* العودة إلى الله تعني بث الأمان والإطمئنان في نفوس المواطنين الأبرياء، وهذا لا يتأتى إلا بسحب السلاح من أيدي المواطنين الذين فقدوا الثقة في الحكومة التي فشلت في تدعيم الاستقرار في كل ولايات دارفور، ولم تفعل شيئاً تجاه الفوضي المسلحة التي باتت أكبر مهدد أمني لمواطني دارفور، حتى أصبح المواطن المنفلت هو الذي يحكم رغم وجود حكومة ووالٍ، أنقذته العناية الإلهية من الموت.
* مهاجمة وحرق منزل الوالي (العقيد أمن) أنس عمر، أعلى مسؤول في الولاية، وقتل حراسه، قد تشير الى فشل الحكومة في بسط الأمن والاستقرار وطمأنة المواطنين وحتى حكومة الولاية نفسها، ويؤكد بالضرورة خروج الأمر من أيديهم وإنفلات الأمن مهما كابر المكابرون، وبالتأكيد لن تكون (الهجرة إلى الله) وفق ما يشتهي شيخ الأمين وحزبه.
* الهجرة إلى الله تبدأ بجمع سلاح الأهالي، وسلاح الحركات المسلحة الحكومية وغير الحكومية على السواء، ونشر الأمن والسلام بين المواطنين، والتأكيد على أن الإسلام دين يُسر وليس عُسر، وأنهم حكومة سلم لا حرب، وفي النهاية مواطن دارفور المكتوي بنيران الحرب، والفقر، والجوع، والنزوح، مؤكد سيتبين (الحق من الباطل)فيما يسمى بمشروع (الهجرة إلى الله)، وسيختار هل يهاجر إلى الله بطريقته الفطرية التي إشتهر بها، أم بطريقة الإسلام السياسي وبدعه التي لا تنتهي؟!
* وبدوري ومن خلال هذه المساحة، ومن منطلق القسم بهذا القلم، فإنني أدعو كل قيادات الحركة الإسلامية الذين إختلط عليهم بقر الإسلام، أن يتركوا أهل دارفور ليختاروا طريقهم إلى الله والذين يعرفونه أكثر من الأدعياء، وأن يهاجروا إلى الله وفق رؤيتهم الدينية الفطرية الصحيحة، والدعوة الصادقة النابعة من القلب، لا الهجرة إلى الله وفق شهوة السلطة والثروة، والملذات والمطايب المغلفة بغلاف الدين.