تحقيقات وتقارير

رفع قيمة التأمين.. من المستفيد؟


قطعت وزارة المالية قول كل خطيب حينما أصدرت قراراً عدلت بموجبه فئات التأمين الإجباري للسيارات بأنواعها المختلفة، مما يترتب عليه رجوع جميع حاملي وثائق التأمين سواء الشامل أو الإجباري إلى شركات التأمين لتوفيق أوضاعهم وفقاً للفئات الجديدة، وبناءًا على القرار، أصبح تأمين الطرف الثالث (الإجباري) للسيارات الملاكي بواقع (1170) جنيه، والتجارية التي تترواح سعتها مابين ( 20_ 50 ) راكباً ارتفع إلى (4) آلاف جنيه، بينما بلغت قيمة تأمين الأمجاد بأنواعها المختلفة (1550) جنيها، بهذه الخطوة أسدلت الستار على مسرحية ما بعد رفع الدية وجدل شركات التأمين وفي وقت سابق قال الأمين العام لإتحاد شركات التأمين معاوية ميرغني لـ(آخر لحظة) ان العميل هو من يتاثر أولاً برفع قيمة الديه باعتباره الطرف المستفيد من خدمة التأمين، وأضاف أن القرار حصر العميل بين خيارين لا ثالث لهما، إما تحمل الخطر كاملاً أو الرضوخ للأسعار الجديدة، وفسر حديثه على أنه في حالة وقوع حوادث السيارات الخاصة قد يكون الوضع أقل سوءاً من حوادث البصات السفرية، وقال في هذه الحالة لو أن عدد الوفيات وصل إلى (100) شخصاً، فإن الديه ستكون (33) مليار جنيه، أي ما يعادل (5) ملايين دولار تقريباً، واختتم حديثه قائلاً إن القرار سيغير سلوك الأشخاص في الحركة المرورية ويجعلهم أكثر حرصاً.

المساوئ
لكن يبدو أن أصحاب السيارات قد واجهوا القرار بعدم الرضا، وكثير من التساؤلات و المخاوف، معتبرين رفع قيمة التأمين ستسبب سلسلة من المساوئ بعكس ما يظهر، و قالت أمل يوسف محمد الموظفة وصاحبة سيارة (ملاكي ) إن المجتمع السوداني به عدد من الطبقات قد يستطيع بعضهم دفع القيمة الجديدة سواء للتأمين الإجباري أو الشامل، ولكن تبقى هناك شريحة كبيرة من الناس تعتبر مركباتهم هي مصدر دخلهم و قوت أسرهم، فكيف لهم التوفيق بين متطلبات المركبات من صيانة وإسبيرات والتراخيص بجانب المبلغ الفلكي للتأمين، وأضافت أن القيمة الجديدة قد يتبعها سلسلة من الخسائر منها، ففي التأمين الإجباري الشركة تتحمل فقط الطرف الثالث، ولكن صاحب المركبة سيتحمل أعباء صيانتها وحده، وقد لا يستطيع في حالة الضرر البالغ، وتساءلت كيف له أن يتصرف وخاصة إذا كانت المركبة حافلة أو بص، وأردفت أمل إن رفع التأمين سيدفع ضعاف النفوس للهروب في حالة وقوع حوادث الطرق مما يجعل المجتمع في حالة تعرية من القيم الإنسانية .

قرارسابق لأوانه
وبما أن هناك إتفاق مبدئي بين القضاء وشركات التأمين بإرجاء تنفيذ رفع الدية إلى بداية عام 2017، اعتبر الخبير القانوني حيدر التوم قرار المالية سابق لأوانه، واصفاً إياه بالمستعجل، ويبدو أن الخبير مع رفع قيمة الدية، وقال إن الشرع حدد دية الإنسان بواقع (100) رأس من الإبل، فمن الطبيعي أن يأتي قرار رئيس القضاء برفع قيمة الدية في أعقاب إرتفاع قيمة الراس من الإبل إلى (3) ألاف جنيه في مناطق الإنتاج، وأضاف أن القرار أصبح قانوناً ملزماً للجميع، و بين التوم أنه لايوجد سبباً يجعل الوزارة تفرض قرارات تفضي إلى تعديل العقود بين شركات التأمين وعملائها، معللاً أن أي عقد يكون ملزماً لأطرافه، كما أن تعديل العقود من الناحية القانونية يأتي بظروف معينة حتى و إن ارتبط بخسارة والتي يشترط فيها أن تتجاوز الثلث، وفي الراهن الآن الطرف الذي لديه سلطة القرار هو المحكمة وليس وزارة المالية .

قيمة قابلة للجدل
واعتبرأستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين عصام عبد الوهاب بوب رفع قيمة التأمين فرصة للشركات لكي تزيد من دخلها، واصفاً العميل بالضحية، وقال إن التأمين قيمة اقتصادية قابلة للجدل، ولم يخف بوب تخوفه من حدوث تغيرات كبيرة على أسعار الترحيلات والتعاملات سواءً للأشخاص أو البضائع والسلع، منوهاً إلى انعكاس ذلك بصورة سالبة على الاقتصاد القومي، وقال لـ(آخر لحظة) إنه كان من الأفضل أن تجرى دراسات اقتصادية مع الجهات ذات الصلة بغرض التعرف على الأثر الكلي على البلاد، مؤكداً على ضرورة مراجعة كافة الإجراءات حتى تمتص أثر الصدمات الاقتصادية والاجتماعية القادمة.

تقرير:أسماء سليمان
صحيفة آخر لحظة