مقالات متنوعة

مهدي أبراهيم أحمد : أزمة حلايب ..وهم التبعية .وغلو الاعلام


قبل و بعد إستقلانا مباشرة أنتظم الواقع السياسي دعوات صريحة بوحدة وادي النيل وبناء علي تلك الدعوات قامت الكيانات الداعمة لذلك التوجه بالحشد والآمال تدعمها مراكز قوي من الجانب المصري ..لكن تلك الدعوات (الناعمة) ..إصطدمت بالإستقلال الصريح والحدود المرسومة فأضحت حديثا في كتاب التاريخ علي شهرة الأسماء – المطالبة بالوحدة الحديثة- وكسبهم المشهود في الحرية والإستقلال المجيد ..
إصرار النخبة حينها علي الأستقلال التام بعيدا عن دعوات الوحدة المنشودة كان مردها لأسباب عديدة بل وتروي حقبة تلك الزمان ان حادثة مؤتمر باندونق الشهيرة قد دقت آخر إسفين في نعش الوحدة المرجوة .فقد أصر عبد الناصر علي تبعية السودان تحت جناحه ..أصراره الشديد إصطدم بتمترس وفد السودان في السيادة الكاملة .الذي دعمه المؤتمر وكان أول ثمراته في أستقلال الشعوب الحرة . ..خطوة الأزهري قوبلت بالموقف السالب من عبد الناصر ..فلم يصطحبه في رحلة العودة ..وعاد وفد السودان أدراجه بمعونة الوفد السعودي وتبرعات المقيمين في بلاد الحرمين ..
خطوة الإستقلال كانت صدمة للنخب المصرية حينها ..فقد كان فيه من الآمال ما جعله سبيلا للرهان من الأنظمة الحديثة وأمتداد للأمن القومي والمائي ..لكن الخطوة جعلتهم يعيدون حسابتهم جيدا بشأن التعامل مع الواقع الجديد وإن كان هناك بعض النشاز في الأصوات والتطرف في القول والكلمات بإعادة التبعية المفقودة والوضع الي ماكان عليه في الإمتداد والتوسع ..
ولعل الإعلام حينها و كتابات المثقفين في تلك الفترة لم تخلو من الغلو …فكانت ثورة الإعلام تعلو وتنخفض وتيرتها تبعا للأحداث وتباين المواقف . بل والي يومنا هذا لم تخفي بعض الاقلام تحسرها علي ضياع السودان والتفريط فيه..وقليل منهم ربما كتب او نطق صريحا من الللفظ والقول بأحتلال البلاد أخري في أعقاب المواقف المتباينة بفعل السياسة ومنطلقات الأمن القومي التي باتت تخيفهم بفعل المستقبل وصراعاته الموثرة ..
العزف علي ذلك الوتر بأستمرار أغري كثيرين بركوب تلك الموجة التي لا يسندها منطق ولا ترتكز علي واقع ..فقد تأثر كثيرون –حتي من خارج مصر – بخطل تلك المزاعم وإفتراءات التاريخ .فتحول التحسر الكسيح الي حملات واسعة باتت تستهدف العلاقات (الفاترة)..وتحاول ان تلوي عنق الحقيقة في حدودنا الصريحة الي تجاوزها شمولا بمحاولات الإستعطاف واللجوء الي التاريخ إظهارا لتاج الملكية المنكوبة وتبعيتها التي تجاوزها الزمن .
لا أعتقد ان التكرار المملول للتاريخ في الإنضواء والتابعية من جانبهم . قد يلغي الحقوق الصريحة في الرسم والحدود ..فقد تجاوزت الأمم الحرة التاريخ القديم بأحداثه الا واقع لا يقوم الا بأحترام الإستقلال الكامل لأرادتها في القرار والسيادة المطلقة .فالتحاكم للأثر الرجعي لإبطال الحقوق وطمس الحقائق ومحاولة الأحتلال الصريح قد تحيل الأمن الراسخ والعلاقة الأزلية الي عطر منشم بواقع حديث وينذر بشر مستطير بفعل التجاوز للسيادة والمحاولة الصريحة للأحتلال والتبعية …