مقالات متنوعة

ابراهيم دقش : أمة من المغنين..!


قرابة الأربعة آلاف من شبيبتنا(أولاد وبنات) تقدموا لبرنامج (نجوم الغد) ليجربوا حظهم في مجال الغناء والطرب هذا العام.. والعدد “مخيف” فكل هؤلاء يريدون أن يتعلموا الحلاقة في رؤوس اليتامى.. وكل همهم الشهرة أولاً والمال ثانياً حتى لو كانت الطبقات الصوتية(زيرو) والحبال الصوتية ممزقة والأصوات نفسها نكرة… ومن تابع منكم تجربة برنامج (نجوم الغد) لابد قد شاهد وسمع أن بعض المتقدمين لا يحملون مؤهلات ولا يستحقون أن يظهروا في طابور مدرسة ناهيك عن شاشة بلورية.. صحيح أن فئة ضئيلة من كل تلك الجيوش الجرارة وجدت استحساناً من (المحكمين) الذين لا يجاملون ولا يحابون وصعدت قلة منهم إلى دنيا المنافسة الحرة رغم أن التقليد وأداء أغاني السابقين، قد أقعد بعدد منهم لأنهم فشلوا في أن يخرجوا بعمل خالص يخصهم.
أتذكر أني شاركت في تحكيم تجربة “الواعدين” عندما كان صديقنا “إسماعيل الحاج موسى” وزيراً للثقافة والإعلام في القرن الماضي، وقد أفرزت ثلاثة ولجوا الساحة واشتهروا: “عثمان الأطرش” و”عز الدين عبد الماجد” و”الأمين عبد الغفار”.. وفي مقابلة معي بالإذاعة القومية قبل عامين غنى فيها “الطيب مدثر” و”عز الدين عبد الماجد”، ولما سألني المذيع من يكون الفنان، قلت له: هناك فنان تشتهي أن تسمعه وفنان تشتهي أن “تصفعه”، علق “عز الدين” بأنه واثق من نفسه لأنه كان من اختياري وأن الدور على “الطيب مدثر”.. وقد شمخ الأخير فيما تقهقهر من شبكة نجوم الغد اثنان “الفحيل” و”شكر الله”!
وللتاريخ فإن فناني الصفوف الأولى الذين عرفناهم قدمتهم للناس مواهبهم ومثابرتهم ثم إنتاجهم الخاص بهم، رغم أنهم تغنوا ببعض أغاني الحقيبة التي أجادوها وبرعوا فيها وخير مثال “عبد العزيز محمد داوود”..والواحد يذكر كيف كان مظهر المغني يمثل بعض شخصيته وكان أكثرهم حرصاً على الأناقة، المرحوم “حسن عطية” ثم “إبراهيم عوض” فـ”محمد حسنين”، مما جعل وتيرة المنافسة على أشدها بين المغنين. ولا أعتقد أن هذه الظاهرة متوفرة عند نجوم الغد، فهم يرتدون ما تيسر وبأذواق متفاوتة وربما بمقاييس مهزوزة.
قولوا لي بربكم لماذا هذا الحشد والاحتشاد من الشباب والتسابق على الغناء؟ الرأي عندي أنه أقصر الطرق إلى الشهرة والاشتهار! زمان قرأت كتاباً عنوانه (أمة من الخراف) ولا أستبعد أن أقرأ قريباً آخر بعنوان: (أُمة من المغنين) !!


تعليق واحد