مقالات متنوعة

م. ناصر القحطاني : 3 فوائد لإلغاء كتابة العدل


تزوّج شاب ولاحظ بعد الزواج أن زوجته كلما أعدت له سمكا مقليا تقص ذيل السمكة، وبعد مدة سألها لماذا تقصين ذيل السمكة قبل وضعها في المقلاة؟ فلم تعرف السبب ولكنها قالت: تعلمت هذا من أمي، فهي تقص ذيل السمكة قبل قليها، ولكن دعني أسألها، واتصلت بوالدتها وسألتها نفس سؤال زوجها، فضحكت الام وقالت: لم أفكر في هذا السؤال يوما ما، ولكني تعلمت من جدتك هذه الطريقة، دعيني اتصل بجدتك، واتصلت بالجدة وسألتها، وكانت المفاجأة عندما قالت الجدة: لقد كانت مقلاتنا يا بنتي صغيرة، ولم تكن تكفي أن نضع السمكة فيها إلا بعد أن نقص ذيلها!!!

قبل عدة سنوات، أسست مع بعض رجال الأعمال شركة ذات مسؤلية محدودة، وتفاجأت أنه بعد توثيق عقد الشركاء من قسم الشركات بوزارة التجارة، وقبل إصدار السجل التجاري يجب علينا توثيق هذا العقد أيضا لدى كتابة العدل، فسألت الموظف ولماذا لابد من هذه الخطوة؟ فقال لي هذا هو النظام.

في الأسبوع الماضي، سألت أحد كتاب العدل الفضلاء: إذا بعت سيارتك لشخص آخر، أين توثق نقل ملكيتها؟ فقال لي بالمرور طبعا، ثم سألته وإذا بعت صيدلية أين تنقل ملكيتها؟ فقال لي: وزارة الصحة طبعا، ثم سألته وإذا بعت مركز تسوق كبيرا (سوبر ماركت) أين تنقل ملكيته؟ فقال لي: وزارة التجارة، ثم سألته وإذا بعت أرضا صغيرة أو شقة سكنية أين تنقل ملكيتها؟ فقال لي كتابة العدل، فسألته ولماذا لا تكون في البلدية؟ ولماذا كتابة العدل بالذات؟ ما هو الفرق بين كاتب العدل وبين موظف وزارة التجارة أو موظف البلدية؟ أليسوا كلهم موظفي دولة، ويمثلون جهات حكومية ذات سيادة؟ فصمت وأطرق مليا ثم قال لي: كلامك صحيح، لماذا لا تنقل ملكيتها في البلدية!!

المتأمل في مهام كتابة العدل اليومية، يجد أنها تتقاطع مع عمل وزارات أخرى، سواء بتوثيق الوكالات العامة أو الخاصة أو بتوثيق نقل الملكيات للعقار أو توثيق عقود الشركاء في الشركات، وهناك هدر للاقتصاد والكوادر الحكومية التي يمكن أن تستغل بشكل أفضل وبكفاءة أكثر.

لو تم إلغاء كتابة العدل، وتوزيع (جميع) مهامها على الوزارات المعنية، فسوف تكون هناك 3 فوائد كبرى تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني ودفع عجلة التنمية وتتلخص في الآتي:

أولا: ستقل المدة الزمنية بشكل كبير، حينما تقوم الوزارة المعنية بمهمتها والتي تقوم بها حاليا كتابة العدل، فمثلا عند تأسيس شركة جديدة سيتسغرق إصدار السجل التجاري 2-3 أيام بدلا من 3-4 أسابيع، بسبب ضغط جدول كاتب العدل بالغرفة التجارية بالمواعيد، والتي في الغالب لا تقل عن أسبوعين من تسليم المعاملة، وسوف يزيد أيضا عدد نقل ملكيات العقار (الإفراغ)، إذا تم نقل ملكية الأرض في البلدية، بدلا من كتابة العدل، ولكم أن تصدقوا أنه إلى هذه اللحظة لم أجد إجابة عما هي العلاقة بين ربط ملكية العقار بوزارة العدل، إلا أن تكون الإجابة في قصة السمكة التي في أول المقال.

ثانيا: إلغاء كتابة العدل، سوف يزيد من عدد القضاة في الوطن، إذا تم تحويل كاتب العدل إلى قاض، حيث إن المسمى الوظيفي لكاتب العدل هو قاضي توثيق، فهو قاض بالأساس، وبالتالي سوف تقل المدة للحصول على موعد مع القاضي بسبب دعم السلك القضائي بقضاة جدد خصوصا لو تم تحويلهم كقضاة في المحكمة الإدارية (ديوان المظالم)، التي تصل المواعيد في بعض المحاكم إلى 5 أشهر، بسبب قلة عدد القضاة، أو قضاة تنفيذ في محاكم التنفيذ الجديدة.

ثالثا: ارتفاع مستوى الجودة والضبط في كل وزارة بسبب عودة مهامها الأصلية إليها وانخافض مستوى التضارب والازدواج الإداري، فعلى سبيل المثال لماذا لا تكون الوكالات سواء العامة أو الخاصة عبر مكاتب الأحوال المدنية، حيث إن هذا من صميم عملها، إذا هي أحوال شخصية، ويتم ذلك عبر بوابة (أبشر) والتي ستحد من تزوير أي وكالة أو ازدواجها، بل ستعطي سجلا تاريخيا لأي وكالة سابقة، وتستطيع أي جهة سواء حكومية أو تجاربة، التأكد من سريان الوكالة وصحتها بمجرد إدخال رقم الهوية الوطنية للوكيل في نظام البوابة الوطينة المتاح للجميع.

وينطبق نفس الأمر، على نقل ملكية العقار ويتحول (الصك) إلى (وثيقة) ملكية وتكون البلديات هي المسؤولة عن ذلك، وينعكس ذلك إيجابيا على الاقتصاد الوطني والإحصائي.

ختاما، نحن في انتظار قرار تاريخي مبارك -بإذن الله- ينعش الاقتصاد ويسرع من عملية التنمية ويدفع بنا نحو المهنية في الإجراءات الحكومية، وذلك بإلغاء كتابة العدل وترقية كتاب العدل الفضلاء إلى قضاة وإرجاع مهامها اليومية إلى الوزارات المعنية، ولنتذكر دائما قصة السمكة في بداية المقال.