أبشر الماحي الصائم

عشية السبت


أتصور أننا بامتياز قد انتقلنا من عصر (كلام جرائد) إلى عصر (كلام واتساب ساي).. إذ أن الجرائد مهما قيل فيها فإنها تخضع إلى معايير مهنية وقيم أخلاقية.. ذلك بطبيعة الحال غير المؤسسات الرقابية التي تحمي المواطن من أي نزوع صحفي غير سوي.. وتحمي الصحافة نفسها من أي تغول بشري.. إذ يفترض في ممارسي مهنة الصحافة أنهم يمتلكون رخصة القيد الصحفي وبطاقة اتحاد الصحفيين.. والحد الأدنى من اللغة واللياقة القيمية!!
* على أن ممارسة الواتساب والوسائط الإعلامية المتعددة ﻻ تحتاج في المقابل إلى أكثر من امتلاك جهاز!! ومن ثم يكون الآخرون تحت رحمة ممارستك لهذه الضرب حسب مزاجك ومعاييرك وانتقاماتك وطول قامتك!!
* أسوغ هذا الحديث، بين يدي حالة المظاهرات الطلابية التي اجتاحت بعض الجامعات السودانية في الأيام الماضية، بحيث طفق بعض الأشخاص والمجموعات يمارسون عمليات البيع والشراء في هذه السوق الرائجة، وأخرج بعضهم من البيانات ما تنوء بحمله الأجهزة ذات العيار الثقيل النادر.. على أن وراء كل بيان باهظ رجل واحد باهظ، وإن خرج البيان باسم كتلة الديمقراطيين الأحرار!! وينص البيان ويراهن على خروج الشعب السوداني لتكملة تشكيلة لوحة الثورة التي لم يبق لها إلا بعض النقوش الجماهيرية!! وبعض الشعارات والأناشيد والأعلام وهبوط الثوار من المنافي البعيدة!! لدرجة أن أحد الثوار وهو يطل علينا من باريس عاصمة العطور والثورات عبر شاشة البي بي سي.. لدرجة إنه أوشك أن يقول إنه يحمل البيان الأول في جيبه وهو في صالة كبار المناضلين ريثما تتحرك الطائرة المدهش أن هذا الثائر المترف المنعم وهو يخرج من نزله ذوي الخمس نجوم.. ﻻ يرى (النجيمات البعيدة) هناك حيث الذين يتحدث باسمهم!! نحن الذين نعتقل باسمهم في المعسكرات ونحتبس في أتون المنظمات.. وباسمنا يفترسون الدجاج الفرنسي والبيرقر الأمريكي والأرز الآسيوي ويغنمون الأرصدة ويغنوت في ساعة الراحة (الأناشيد القديمة) وتلك قصة أخرى سنعرض لها في حينها!!
* وباسمنا يمهرون البينات الثورية بحيث أن التغيير لم يتجاوز الجمعة التي مرت عليها حزمة من الجمع والمجامع!! واتصور أنهم بادئ ذي بدء لم يوفقوا في اختيار الجمعة.. يوم الأيادي المتوضئة والجباه الساجدة التي تترقب في يوم جمعتها هذه ساعة الإجابة وليست ساعة الثورة!!
اقترح عليهم يوم السبت أو الأحد بعد أن خذلتهم الجمع!! لعله تأتيهم ثورتهم يوم سبتهم شرعا!!
* صديقنا عبدالعزيز البطل من مهجره البعيد يكتب.. قال كلما أوغلت في تصفح هذه الميديا الحديثة أسرعت لأتحسس (بلاد النيل والشمس والصحراء) إن كانت – حسب إدعاءاتهم – قد راحت في (داهية)!! يقول البطل.. فأجد أمدرمان تغني والخرطوم في (فاصل أغاني وأنغام) وإن شيئاً مما يقولونه لم يحدث!!
* أخي البطل تذكرت حديثك والأسافير أمس الجمعة والرئيس في قمة ممارسة حياته الاجتماعية.. وهو يتوكل إلى أربع زيجات (بقلعة كفوري الحصينة) التي قيل أن الثورة ستنطلق منها!!