صلاح الدين عووضة

صراخ في (هايد بارك)!!


*كولن ويلسون يتحدث عن أول تجربة خطابة له..
*يقول إنه وقف أمام الجموع في (هايد بارك) ليخطب..
*طار الكلام كله من رأسه- أول الأمر- رغم إنه كان (أي كلام)..
*نصحه صديق بجواره أن يصرخ فقط ثم (يخليها على الله)..
*وبالفعل طفق ويلسون يصرخ ليجد الأمر في منتهى السهولة..
*وخلال صراخه ذاك كانت مصارينه تصرخ من الجوع..
*واختلط الصراخان مع بعض ليظهر تأثير الثاني على الأول..
*وصباح اليوم التالي فوجئ بصحيفة تتحدث عن (غاضب جديد)..
*وكان (الغاضبون) تياراً جديداً في ذلكم الوقت غير ذي هدف..
*فهم غاضبون – بلا فكر أو معنى أو هدف – و(خلاص)..
*ولكن ويلسون- كما يقول عن نفسه- لم يكن غاضباً على الإطلاق..
*بل كان سعيداً لدخوله في تجربة حب وصفها بأنها رائعة..
*وزميل دراسة لنا كان سعيداً بقصة حب حسدناه عليها..
*ليس لأن البنت كانت جميلة ولكن لقدرته على أن يحب أصلاً..
*ورأيناه (كبيراً) – منذ تلكم اللحظة- رغم إنه كان طالب ثانوي عام مثلنا..
*فجل اهتماماتنا كانت مصوبة – آنذاك- نحو أشياء لا علاقة لها بالمرأة..
*أو ربما المرأة الوحيدة التي اهتممنا بها هي التي أبكت شاباً في حينا..
*فقد فعلت فيه مثل الذي جعل شاعرنا عزمي يكتب بمداد دموعه (حان الزفاف)..
*كنا نتساءل- بصدق- إن كان هذا سبباً كافياً للبكاء من تلقاء (رجل)..
*وحرصنا على رؤية تلك الفتاة- بدافع من الفضول- فابتسمت في وجوهنا..
*ثم مات الفضول بموت محاولتنا فك طلاسم تلك الابتسامة العجيبة..
*وانصرفنا إلى هواياتنا البعيدة عن عوالم النساء و(الدموع)..
*وتعليق عني أطلع عليه البارحة يجعلني أتساءل :أي حمدي فيهما هذا؟..
*فقد كان معنا طالبان يحملان الاسم ذاته أحدهما هو صاحب قصة العشق..
*أما ما ذكره عني فهو انتمائي للقوميين العرب بزعامة زميلنا عمر دهب..
*وما هو صحيح أننا كنا نصرخ كلانا- عمر وشخصي- في (هايد بارك) المدرسة..
*ولكن دوافع الصراخ تختلف من أحدنا الآخر قبيل الخروج في تظاهرة..
*كان هو يصرخ من منطلق (قوميته) المذكورة مناداة بسقوط مايو..
*وأصرخ أنا- صراخاً أشد- من منطلق أنني (غاضب وبس)..
*غاضب من ماذا؟ لا أدري بالضبط وإن كنت لا أقل عنه كرهاً لمايو..
*وأصرخ الآن من (هايد بارك) منبرنا هذا لأنفي عن نفسي تهمة (العروبة)..
*وأتكفل بنفيها عن عمر (أرقين) نفسه وإن أبى..
*فخير له إن كان غاضباً مثلي و(خلاص!!).