مقالات متنوعة

محمد لطيف : اتحاد العمال يلوح بـ.. عدم الإضراب


(أعلن الاتحاد العام لنقابات عمال السودان، تعطيل حقه القانوني في الإضراب عن العمل في ظل الضغوط الاقتصادية الحالية التي تمر بها البلاد، ورهن الاتحاد ممارسته لهذا الحق برفع الإدارة الأمريكية حظرها المفروض على السودان. وقال رئيس الاتحاد يوسف علي عبد الكريم، خلال مخاطبته مؤتمر النقابة العامة لعمال هيئة السكة الحديد بعطبرة، إنه أجاب للمسؤول الاقتصادي بالسفارة الأمريكية بالخرطوم في معرض سؤالهم عن الحق القانوني في الإضراب، بأن الاتحاد سيمارس حق الإضراب عبر أي تنظيم نقابي متي تجاوز السودان عقوبات الإدارة الأميركية غير المبررة).
اليوم نحن أمام تصريحين لقيادة اتحاد العمال.. الأول الذي أوردناه أعلاه يصلح أن يكون شعارا سياسيا يطلق في الهواء الطلق لأنه ببساطة بلا ساقين.. فعن أي حقوق تنازل عنها يتحدث هذا الاتحاد؟.. وعن أي نص في القوانين السودانية يتحدث رئيس الاتحاد..؟ عن وثيقة الحقوق التي نصت على حق الحياة ومرورا بكل الحقوق حتى حق التعبير.. دون ذكر لحق الإضراب..؟ أم عن قانون العمل لسنة 1997 والذي تناول بدوره كل شيء حتى عدة المرأة وإجازة الوضوع.. دون أن (يهوب) ناحية الإضراب.. مثل هذا الحديث هو من ذلك النوع الذي يبرق في ذهن أي مسؤول فجأة.. فيلقيه على سابقيه بغتة.. دون أن يتدبره أو يفكر فيه مرتين..! أجزم أن اتحاد العمال لو أعد مرافعة مدروسة بحيثيات مخدومة وقدمها لهذا المسؤول الأمريكي لاحترمه ولأخذ بما قدم إليه ولرفعه إلى رؤسائه.. ولكن هل يعقل أن يذهب هذا المسؤول إلى عشيرته فيقول لهم إن عمال السودان تنازلوا عن حقهم في الإضراب رغم أن الحكومة ترحب بذلك.. احتجاجا على العقوبات الأمريكية..؟.. من يصدق..؟ ولعل التناقض يتبدى في ربط العودة لممارسة حق الإضراب برفع العقوبات.. بينما ووفقا للاتحاد نفسه فإن كل مصائب السودان سببها العقوبات.. فإذا رفعت رفع البلاء.. فما الداعي للإضراب إذن..؟!
أما التصريح الثاني فلا يقل عجبا وتناقضا.. فالاتحاد الذي يدافع عن الحكومة.. ويجد لها العذر في ضعف المرتبات وفشل الحكومة في توفير الحد الأدني من مطلوبات العيش الكريم لقواعده.. وأن المرتب الحالي لا يغطي عشرين في المائة من احتياجات العامل.. هو ذات الاتحاد الذي لا يطرف له جفن وهو يبشرنا بما يلي.. ويحدثنا عن (اكتمال كافة الترتيبات لانطلاق المؤتمر العام الـ (16) لاختيار المكتب التنفيذي للاتحاد العام، والإعلان عن الدورة النقابية الجديدة (2016-2020م)، بحضور رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، بجانب مشاركة (40) وفداً من الدول الأفريقية والعربية ومراكز إقليمية ودولية، ومراكز نقابية عالمية ومنظمات إقليمية ودولية، بالإضافة إلى (15) نقابة واتحادا)..!
ولو سألت عن تكلفة هذا المؤتمر لذهلت من الأرقام الفلكية.. ومن الصرف البذخي.. ولو سألت: على نفقة من ستأتي كل هذه الوفود؟.. لأجابوك.. على نفقة المال العام.. ولو سألت عن جدوى هذه الوفود.. وعما إذا كانت ستلعب دورا في رفع الحظر الأمريكي.. لهزوا رؤوسهم أسفا.. المقدمة التي حملها التصريح عن اعتراف الاتحاد بعلمه بعجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها كانت نهايته الطبيعية.. أن يعلن الاتحاد عن تعليق انعقاد مؤتمره العام السادس عشر.. تقديرا لظروف البلاد.. وعجز الحكومة عن الوفاء بما هو أهم.. معاش الناس..! ولكن من يفكر لهؤلاء الناس..؟!