حيدر المكاشفي

غشانى يا عمدة وقال لى بعرسك


العنوان أعلاه مقطع من صيغة إعلانية لإحدى المسرحيات السودانية التي تم عرضها قبل سنين عديدة، والعنوان يصلح لما أنا بصدده اليوم، فمن الأخبار التي تقع في منزلة بين الضحك والبكاء، فلا تدري أتسميها طريفة أم حزينة، الخبر الذي أوردته أمس الغراء (الصيحة) تحت عنوان (طالبة جامعية تشكو شاباً وعدها بالزواج وهرب)، وفي التفاصيل أن طالبة جامعية دونت بلاغاً في مواجهة زميلها، وزعمت أنه هرب بعد أن وعدها بالزواج، وقالت في شكواها إنها كانت على علاقة بزميلها الذي وعدها بالزواج عقب تخرجه، وأشارت إلى أنه خلال هذه الفترة تقدم لخطبتها شاب مغترب، إلا أنها كانت قد ظهرت عليها أعراض الحمل من زميلها، وعندما أخبرته بذلك أنكر علاقته بالجنين وهرب إلى جهة غير معلومة..
وفي الخصوص أذكر أنني كنت قبل سنوات قليلة قد وقفت على قضية مؤسفة كانت ساحتها إحدى الجامعات للأسف، وفي تلك القضية لم أكن حريصاً على معرفة اسم الأستاذ الجامعي بالجامعة العريقة الذي أدمن التحرش ببعض طالباته، أكثر من حرص من اتصلن بي يشكين مُرّ الشكوى من المضايقات والإيحاءات والتلميحات الجنسية التي تكررت منه إزائهن، على عدم البوح باسمه، ورغم أنني قد وقفت بطريق غير مباشر على بعض المعلومات والعلامات التي تكشف بسهولة شخصية هذا الأستاذ غير الجدير بلقب الأستاذية، والذي لا يستحق أن يبقى يوماً واحداً في هذا الموقع المحتشد بفتيات يانعات صغيرات لا يُؤمن أمثاله من التغرير ببعضهن، إلا أن الذي أهمّني هو الكشف عن هذه القضية، أكثر من اهتمامي بكشف هوية هذا اللعوب المستهتر عديم الأخلاق والضمير، حتى تنتبه إدارات الجامعات وتتنبه إلى أنها ليست سوحاً للقديسين والملائكة، ومن الجائز جداً بطبيعة البشر أن يكون بين صفوف أساتذتها ذئاب وثعالب تتخفى تحت مسوح الدين، وتلبس قناع الواعظين، وتتدثر بروب العلماء، وربما يكونون قد نجحوا في الإيقاع ببعض الضعيفات، فلا أحد يعلم على وجه الدقة ما إذا كانت مثل هذه التحرشات فردية ومعزولة، أم أنها منتشرة ومستشرية؟، ولكن ضحاياها آثرن التكتم و«الستر»، وقد لاحظت ذلك من الخوف والتردد الذي اعترى من اتصلن بي، خوفاً على سمعتهن أولاً ومصيرهن التعليمي ثانياً، وقد تأكد لي ذلك بعد أن عرفت منهن أن الخوف على السمعة والمصير التعليمي، هو ذات السبب الذي منعهن من رفع الأمر إلى عمادة الكلية أو الإدارة، خاصة أن التحرش والابتزاز يتخذان أشكالاً وأساليب وصوراً يصعب إثباتها، سواء كانت كلمات أو «حركات» غالباً ما تأتي في صورة تلميحات وإيحاءات حمّالة أوجه، يمكن أن يلتبس فهمها وتفسيرها وتُحمل على حسن الظن والنية، كما أن التحرش عادة يقع في خلوة، إذ من الطبيعي أن تذهب طالبة لأستاذها في مكتبه، لشأن أكاديمي أو حتى غير أكاديمي، أو أن يستدعيها هو إلى مكتبه، وفي هذه الحالة تؤثر الطالبة لعق جراحها والتكتم على الأمر، فذلك يبدو مناسباً لها أكثر من إثارته، وعموماً هذه قضية مهما كان حجمها ــــ كبيراً أو صغيراً ــــ يجدر الانتباه لها، خاصةً في دور العلم التي لا ينبغي أن يقتصر دورها على تقديم العلم وحسب، بل قبل ذلك لا بد أن تقدم القدوة والأخلاق.