رأي ومقالات

جاري يقول لي: قولك هذا حرام، واضاف مفتيا انت كافر يا زول! وصاح يا (شيوعي)


طبائع وطقوس النوم تختلف من شخص لاخر ، عندي لا يغشاني النعاس بسهولة ، اكون يقظا فانشط ، تضج التفاكير (قدامي ووراي ، كلمة في ثنايا يومي تطرده عني ، صدرت مني تجاه انسان او لطمتني من بشر ، فان غالبني سلطانه ، يأخذني علي هدهدة تتمايل بي في الخيالات حتي أغرق ، بيد أن هذا وضع يحف عادة بحساسية عالية ، حفيف ورقة يخرجني من صومعة ظلمته ، انفلتات نفس او انحدار عابر في الحيز حولي تجعلني قائما ، لا أنام بعدها ، لذا غلبت شقوتي علي من يرافقني في حل وسفر ، عليه باستيفاء لوازم الصبر من قلقي الجوال قربه ولذا احب القري ومدائن الطرف وساكنة الدور ، وقد جزعت قبل ايام وفزعت فقبل ان امضي في بحر المنامات سربا ايقظت علي صوت تلاوة ، كان واضحا انها اخترقت الجدر من الجوار ، تنطلق من صوت مذياع او تلفاز ، نهضت في هدوء ، ليس من اللباقة ان تقوم علي صوت قران مضطربا ، ادرت مراصد الظن والاعتقاد ، أتوسم مصدر انبعاثه الصوت ، كنت وحدي بالسكن ، لذا لا يشملني التقصي ، عادة أنام في الظلمة ولا اترك سانحة لحي ومبثوث الا انفاسي ، قمت أحسن شد اطرافي اطلب بوابة الخروج ، وصلت للشارع كان كل الطريق سكونا ، ادرت اذناي أمسح بهما مساقط التردد ، عرفته هذا منزل جارنا (نائل ) كان قد أقام بناء شمخ بالحي مثل هرم وهو شخص مهجس بالعين والحسد وله سوء معتقد عريض في نوايا الناس ، رجحت انه يرسل الايات وهو نائم حماية ووقاية ، بالطبع لم انكر ذلك ، إن فعلت فحتما أنا هالك وشاطن عن التيقن والايمان ، و الوقت نفسه في دخيلة نفسي أؤمن انه من تمام التبجيل ورصين الاعتقاد ان تدار هذه الامور بقدر وافر من الموضوعية التي اهم مدارجها الا يتحول الامر الي جلبة وأدعاء ، كان شيطاني ربما نشطا وربما ملاكي الحارس بتعبير اوفق ، ليس للشيطان ذائقة يحس بها علي هكذا تفكير ! ، تقدمت اطرق باب جاري (كو ) أولي ارسلتها خفيفة اتبعتها باخري أحسست أنها لم تكن موفقة وبها عنف شعرت ان صداها بلغ منتهي اخر الليل، ثواني وأطل (نائل) جار مريع اللؤم وتفاسير الوقائع وكنت اتحاشاه ما استطعت ، خرج برداء قصير وفانلة داخلية لمحت فيها رغم العتمة ثقوبا مثل رداء صريع بالرصاص ، رمقني بحيرة مدهشة ثم باغتني بسؤال احسست به لزج المحتوي .. في شنو ازعحتنا ! قال وهو يمد راسه لينظر ان كان هناك من يقف خلفي ، تلفت ثم صمت لسانه وجرت يده تشد رداءه من الامام ، يهرش زغبا يدغدغ ادني ركبته ، حالة فجائية من التملق احتوت كياني ، ضمرت حماستي لسبب ما ، رسمت بسمة تاهئة تجاهلها خصمي وانا اسبغ عليه لقب (شيخ ) أسبق به اسمه امسح راسي بتوتر؛ حاحة صغيرة ، قلت وانا أبلع ريقي ، الساعة الان الثالثة فجرا ..أضفت وكما تري وتسمع فان صوت التلاوة (مرفوع شديد ) ويصل لاخر الحي وقد ظننت انك ربما تكون نمت ونسيت خفض مؤشر مداه ، كما ان الصوت يزعج بعض الجيران وأنا منهم ورغبت في تنبيهك ولاردف اخفص جناح الصوت وتبارك ! انصت وقد تعالت أنفاسه غصبا ، مسح وجهه وبصق او تفل (سفة) لا اعرف كيف كان ينام بها ! قبل ان يشن هجوما معاكسا ضروسا سالني بصوت متصاعد ، عارف دا شنو ؟ قلت قران كريم ، قال لي هل تعرف ان قولك هذا حرام ، واضاف مفتيا انت كافر يا زول ! للحقيقة حرت جوابا ! قلت وانا استرد شرفي الديني ، أنا لست ضد التلاوة لكن (بالجد) الصوت مرتفع ، تركني واقتحم بيته ، ماذا يفعل استفهمت فضولي ؟! ، ثم فزعت اذ ربما يعود ببندقية خرطوش او يتصرف بحماقة ، فكرت في الانصراف ثم تجلدت فاذا بي اسمع الصوت يتعالي اشد وارفع ، وقف امامي عائدا يتمثل التحدي ، اها كدا كيف ؟ وصاح يا (شيوعي) ، بدون مناسبة ارسالا مطلق الابانة ، دفعت مع نفسي للانصراف أتخبط في الضحك ،بينما يرسل بطرفه مقابل ذاك شواظا من مخاطبة احسست معها اني كارل ماركس ! عدت لمرقدي ، حتي نمت بفرضية التعب والارهاق ، صحوت مع أذان الفجر خرجت للصلاة عبرت امام منزل (نائل) ، توقفت لبرهة اشد الخطي اثرة للسلامة والبر ، عقب الصلاة تحدث الامام بلطف مع الحاضرين ، لم يكن صاحبنا منهم ، المح لذات ملاحظتي اظنه كان من الذين ايقظهم الصوت حتما فهو جار اقرب ، تحدث الامام بلباقة واناقة معاني كعادته فيما التزمت التبسم ان سمعك الجار العزيز لقال ان

الخرطوم
محمد حامد جمعة