تحقيقات وتقارير

العنف الطلابي .. في غرفة التشريح


ما تزال أحداث العنف الطلابي حديث المشهد السياسي والشارع هذه الأيام بعد أن توالت وازدادت وتيرتها من جامعة لأخرى، ما تزال الدولة تبذل العديد من الجهود لمعالجة الظاهرة وتدرسها دراسة عميقة لتجنب الانزلاق في مستنقع قد يلقي بظلاله على مستقبل البلاد ..المركز العالمي للدراسات الأفريقية سارع بالأمس بعقد ورشة لبحث الظاهرة وإيجاد حلول إن لم تقضِ عليها جذرياً ربما ساعدت في انحسارها.

مبررات:
الشرطة دافعت عن موقفها بدخولها للحرم الجامعي في بعض المرات, وبرر مدير إدارة العمليات اللواء شرطة حقوقي إسماعيل عبد الله الخطوة عندما تأكد لهم تهديد الأرواح والممتلكات, وذلك بالتنسيق مع قائد الحرس الجامعي ومدير الجامعة ،لافتاً إلى أنه كان وفقاً لقانون الإجرات الجنائية، وأضاف أن بعض الطلاب حاولوا نقل الشغب إلى الأسواق وكافة الجامعات لنسف الاستقرار الأكاديمي، مشيراً إلى أن عدد أحداث الشغب التي تعاملت معها الشرطة منذ العام 2012م وإلى الآن بلغت (482) منها (341) حالة شغب طلابي، مبيناً أن جملة الطلاب الذين تم القبض عليهم في أحداث شغب وفتح بلاغات في مواجهتهم بلغ (216) طالباً،وأشار إلى أن الإصابة وسط قوات الشرطة خلال التعامل مع الأحداث (25) ضابطاً و(132) من ضباط الصف والجنود ما بين أذى جسيم وبسيط ،وأضاف رغم الاستفزازات التي تعرض له أفراد الشرطة لكي يصيروا طرفاً من الأحداث إلا أن تواجد قيادات برتب عليا قلل كثيراً مما كان متوقعاً أن يحدث،ووصف إسماعيل الأحداث بالعنيفة واعداً التعامل بمهنية عالية مع أي حالة لأن الهم الأول تحقيق الأمن ومواصلة الطلاب لتحصيلهم الأكاديمي.

أوهام القدسية:
رفض حظر العمل السياسي في الجامعات ليس حلاً في نظر أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحري د.عمر عبد العزيز ،الذي لم يرَ أي بوادر حل جذري على الأقل في القريب العاجل ما لم تبتعد القوى السياسية عن استقطاب الطلاب والتي تعمل للدفع بهم لتحقيق أهداف تلك القوى،عمر انتقد قيادات الهرم الجامعي لعدم نزولهم إلى الطلاب لسد المسافة الموجودة بينهم وبين الطلاب وتمليكم المعلومات الصحيحة في أسرع وقت قبل أن يتلقاها الطالب عند الآخرين،مطالباً إياهم بصناعة منابر بديلة كالصحف الحائطية والتدريب لجعل اللجوء للعنف آخر وسيلة يمكن أن يلجأ إليها الطالب،عبد العزيز طالب بضرورة التخلي عن الأوهام المتمثلة بما يعرف بقدسية الجامعات،ومحاكمة كل يرتكب خطأ محاكمة جنائية وليس بما يعرف بلوائح الجامعة،حتى نستطيع أن نحاسب كل فرد بما يرتكبه من جرم تجاه ممتلكات الجامعة أو الآخرين،الأمر الذي سيجعل الجميع يفكر ويعمل ألف حساب قبل الإقدام على أي عملية تخريبية.

جذب انتباه:
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم البروفيسير صفوت صبحي فانوس يرى أنه لايمكن عزل ظاهرة عما يحدث عموماً في السودان وقال إن السودان لم يكن في يوم ما مسرحاً لتصادم حضارات ،بخلاف دول أخرى كالعراق وإيران ،بل ذهب لأبعد من ذلك عندما أشار إلى أن الدولة في السودان جاءت نتيجة للتمازج والتداخل والتصاهر ،وما حدث من عنف سياسي لا يتعدى كونه محاولة للسيطرة على السلطة وعدم التزحزح عنها، كل ذلك كنتاج طبيعي لمركزية الدولة ،لكن محاولة معرفة نقل العنف إلى الطلاب ساهمت فيه الفئة العمرية للطلاب التي يغلب عليها العاطفة أكثر من العقل ،لكنه لم يستبعد أن تكون محاولة أو رغبة لجذب الانتباه، فضلاً عن قلة المسؤولية تجاه الأسرة مما جعلها جاذبة للعمل السياسي. وتابع صفوت بأن أي محاولة لمعالجة العنف الطلابي بمعزل عن العنف السياسي لن تبرح مكانها، وحتى الاستقلال كان أقرب للطريقة السلمية،ولكن شرارة العنف السياسي بدأت بالجنوب لتنتقل بعدها لمعظم أنحاء السودان وساهم في ذلك مصادرة العمل السياسي في فترة السبعينات والانقلابات العسكرية التي قابلتها المعارضة بعنف مسلح، صفوت اختتم حديثه بأن التأثير السلبي للعنف ظهر من خلال التأثير على العملية التعليمية وأصبح من المستحيل أن يبدأ عام دراسي ويكتمل كما خطط له.

تقرير :عمر دمباوي
صحيفة آخر لحظة