منوعات

تُجمل ساعدي دوماً وتحويه كما طَوْقِ ومنها رائع الذوق.. الساعة ضابطة الوقت


يقول المثل الشائع “الوقت كالسيف أن لم تقطعه قطعك” أي لابد من استثمار الوقت وإدارته بطريقة صحيحة فإن مضى تصبح استعادته من رابع المستحيلات، وعرف منذ القدم أن المشاهير هم من اعتادوا على ارتداء الساعة بالاضافة إلى موظفي الخدمة المدنية والأستاذة بمختلف فئاتهم اشتهروا بتنظيم أوقاتهم ليخرجوا بأفكار إبداعية حتى صارت حياتهم محط أنظار الجميع.
لم يفت ذلك أيضاً أطفال الروضة حينما ظلوا يرددون فترة من الزمان “ماما إنعام في عيوني لابسة التوب الليموني، لابسة الساعة اللماعة تحرق كل الجماعة”..

ماذا تعني لك ساعة اليد، ومن الذي يستخدمها وما هي دلالاتها الاجتماعية والنفسية؟
دقة المشاهير
فقدت فرصتي في الحصول على إجابة من الإعلامي الشهير حسين خوجلي بعد اعتذاره بأنه في اجتماع تحضيري لبرامج شهر رمضان بقناة أم درمان الفضائية وعليّ الاتصال في وقت لاحق، رغم فشلي إلا أنني أحترم تقديره للوقت الذي يحسبه بالثانية، ومن لم تسنح له الفرصة لمقابلة الاستاذ حسين لم تفته ملاحظة الساعة الفخمة التي تزين معصمه عبر شاشات التلفاز وكأنها جزء منه لم تفارق معصمه إلا عند خلوده للنوم – أظن ذلك- وكما يهتم الأستاذ بهندامه تجده أيضاً يرتب وقته بدقة متناهية بين القناة والصحيفة والإذاعة، ووضح ذلك من خلال الحرص على الإعداد المبكر لبرامج رمضان وهذا سر النجاح، لذلك يمكنك اتباعه للحصول على أناقة ودقة متناهية في الوقت، وكذلك “الممثل جورج كلوني، لاعب كرة القدم دايفيد بيكهام، الأمير وليام، دانيال كريغ، الممثل براد بيت، وجيمس بوند” وغيرهم من النجوم.

جزء من الشخصية
تعني الساعة بالنسبة للصحفية عرفة وداعة الله التزاما واحتراما للمواعيد والوقت، سيما وأنها اعتادت عليها وهي في سن مبكر، لكن ما راج مؤخراً تقول فيه: “لم تتعد الساعة في الآونة الأخيرة كونها إكسسوارا وتكملة لزينة المرأة أو هندام الرجل، لكنها لازالت جزءا من شخصيتي”، وأضافت: “لازم تكون شغالة ما وجاهة” وليس من الضروري أن توافق ألوانها ملابسي كما تفعل الكثير من السيدات بعد ظهور ألوان كثيرة ومتعددة من “الأستيك”.

هيبة واحترام
يعتبر صالح عبدالله “موظف” أن الساعة تدل على الهيبة والاحترام، وتعبر عن شخصية الإنسان لأنها جزء من مظهره العام، وقال: “دائماً يجبرك الشخص الذي يرتدي ساعة على احترامه لأنه يحترم الوقت ويقدر الزمن في الوقت الذي ضاعت فيه قيمة الزمن عند الكثيرين في ظل انتشار الهاتف السيار “الموبايل” وما ترتب عليه من كذب عند عدم الالتزام بالوقت والتهرب حتى سمي بـ”الكذاب”.

مناسبات وأناقة
أما كمال سيد “موظف” فيرتدي ساعة اليد في المناسبات فقط، وقال: “لا أميل في العادة لارتداء الساعة إلا في المناسبات الرسمية وغيرها مثل الأفراح، كجزء من الوجاهة وإكسسوار راق يزيد مظهرك الاجتماعي قيمة، سيما في ظل وجود الموبايل والذي تشمل تطبيقاته على ساعة دائمة، اتفقت سارة خالد “طالبة” مع كمال وزادت: لا أهتم بارتداء ساعة اليد إلا في الأفراح كما لا أهتم أيضاً إن كانت تعمل أم لا، المهم أن تتناسب مع لون الفستان الذي أرتديه وتكون جميلة ولافته للنظر، ضحكت ثم قالت: “أحرج كثيراً عند سؤالي عن الوقت وهي لا تعمل، فأنا ألبسها فقط لإضفاء لمسة جمالية وحتى أبدو في كامل أناقتي”.

ساعات الموبايل
الساعاتي الذي يجلس قبالة شارع الجمهورية ورفض ذكر اسمه، أكد على انخفاض نسبة مستخدمي الساعات اليدوية في السنوات الأخيرة بصورة كبيرة، وقال: “قل استخدامها بعد غزو أجهزة الموبايل البلاد وانتشارها الكبير الذي حطم سوق الساعات، وانحصر استخدامها على الرجال والنساء من كبار السن أما الشباب فاكتفوا بالنظر للموبايل لمعرفة الوقت إن أرادوا ذلك”، ولأن “عمي الساعاتي” اعتاد على تلك المهنة التي لا يعرف غيرها ظل يداوم عمله صباح كل يوم حتى العشية دون كلل أو ملل، حتى ولو لم يسعفه حظه بإصلاح أو بيع ساعة واحدة، فالأمر غير أنه مهنة يأكل منها عيش حرفة نادرة وراقية يأمل إحياءها مرة أخرى.

موظفون وأثرياء
“ارتبطت الساعة منذ قديم الزمان بموظفي الخدمة المدنية الذين توارثوها من الإنجليز وقت الاستعمار، بالإضافة إلى الأثرياء وأساتذة الجامعات الذين لا يستخدمون المحمول”، هكذا ابتدرت الباحثة الاجتماعية د. هند يحيى حديثها ثم أردفت: واستمر ذلك فترة من الزمن أدير من خلاله الوقت إدارة حقيقية إذ لم يكن الأمر مجرد مظهر أو قيافة، وتابعت: بعد ذلك ظهرت وسط طلاب المدارس والجامعات باعتبارها هدية قيمة، تحمل دلالات الدقة والانضباط والرقي أيضاً. وقالت د. هند: “وحين ظهر المحمول أصبح الوقت مهدرا وليس له قيمة، وصارت مواعيدنا يضرب بها الأمثال ويقال “مواعيد سودانية” كناية عن عدم الانضباط، وأضافت: يتضح ذلك جلياً من خلال مواعيد اجتماعات العمل التي تبدأ في العاشرة بدلاً من التاسعة، وكل البرامج المعلنة لا تبدأ في وقتها، وأرجعت الباحثة الاجتماعية كل ذلك إلى حصر دور الساعة في شكلها التكميلي ووضعها كقطعة إكسسوار تكمل المظهر الخارجي، رغم أنها رمز لإدارة الوقت بشكل دقيق ورمز لشعب يحترم مواعيده.

خلل في الشخصية
أرجعت الاختصاصية النفسية سلمى جمال الدين، ارتباط الأشخاص بالساعة لمعرفة الوقت وضبط مواعيده، لأن الناس في سابق العهد كانوا حريصين على المواعيد أكثر من الآن، وقالت: “مكانها في المعصم يجعلها أمام نظرك طول الوقت تذكرك بمواعيد في زمن محدد”، وأضافت: لكن مع انتشار الموبايل بصورته الواسعة حدث اختلال كبير في الزمن وظهر الناس على حقيقتهم بعد تفشي الكذب، وعدم انتظام الحياة بشكلها الطبيعي، الأمر الذي أحدث خللاً كبيراً في منظومة العمل رجع على إثرها الإداريون وأصحاب الأعمال الخاصة لارتداء الساعة من جديد كنوع من الانضباط وإعادة صياغة مفهوم الوقت. واعتبرت سلمى ما حدث يقظة في زمن صعب جداً، لكنها علامة من علامات الدقة ويقظة فكر وضمير ووعي بأهمية الوقت الذي أهدرته الموبايلات التي ساهمت في تعزيز السلوك غير المنضبط. وتابعت: اختيار نوع الساعة وشكلها مؤشر للانضباط وجزء من شخصية الفرد، وارتبطت بالاثرياء والمهنيين والطلبة الذين يرتدون ماركات محددة، تدل على العملية والنوعية الجيدة، وأكدت سلمى على أن الشخص الذي لا يهتم بالساعة تجده يحمل شخصية ارتجالية وغير منظمة وفهما خاطئا للأشياء وطبيعتها، سيما وأن هناك من يستخدمها كمظهر وآخر لا تعني له شيئا، فضلاً عن أنها مؤشر لخلل في شخصية الإنسان الذي لم يحسن اختيار نوع الساعة ولبسها وفقاً للمكان والزمان المناسبين.

الخرطوم – زهرة عكاشة
صحيفة اليوم التالي