منوعات

100 طلعة جوية لتلقيح السحب منذ بداية العام الجاري


نفذت طائرات المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل، 100 طلعة جوية لتلقيح السحب والاستمطار الصناعي خلال الـ 5 أشهر الماضية، في أغلب مناطق الدولة، وذلك في إطار البحوث والدراسات التي يجريها المركز، في محاولات دؤوبة لزيادة كمية الأمطار وفترة الهطول وإطالة عمر السحابة.

وتشير الدراسات، إلى أن تلقيح السحب يسهم في زيادة حجم كميات الأمطار بنسبة تتراوح بين 5 – 35 %، بحسب نوعية السحب.

وقال المركز الوطني للأرصاد، إن الخبراء يقومون برصد السحب على مدار الـ 24 ساعة، وعند ظهور تشكل سحابة تتوفر فيها مجموعة من المعايير الفيزيائية، وتكون قابلة لإجراء عملية التلقيح والاستمطار، يقومون بإرسال طائرة أو أكثر بعد تجهيزها، ويقوم الطيار والفنيون بالتوجه إلى تلك السحب، ومن ثم حرق الشعلات وإطلاق مواد التلقيح.

وتبدأ هذه المواد بتجميع قطيرات الماء لتصبح كبيرة الحجم، ويصبح الهواء غير قادر على حملها، لتسقط على الأرض في صورة أمطار، ويقود برنامج الإمارات لبحوث الاستمطار، الجهود الدولية لتحقيق أمن المياه.

تقنيات

وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة، من أوائل دول منطقة الخليج العربي، التي قامت باستخدام تقنية تلقيح السحب، التي اعتمدت أحدث التقنيات المتوفرة على المستوى العالمي، وذلك باستخدام رادار جوي متطور، يقوم برصد أجواء الدولة على مدار الساعة، بالإضافة إلى استخدام طائرة خاصة يتم تزويدها بشعلات ملحية خاصة.

تم تصنيعها لتتلاءم مع طبيعة السحب من الناحية الفيزيائية والكيميائية التي تتكون في أجواء الدولة، والتي تم دراستها خلال السنوات الماضية، قبل البدء بتنفيذ عمليات الاستمطار، إلى جانب تصنيفها وتحديد السحب المناسبة، ومن خلال هذه الدراسة، وجد أن أفضل السحب الاستمطار، هي التي تتكون في الصيف على المناطق الشرقية والجنوبية الغربية.

حلول

واتبعت الدولة حلولاً كثيرة لتوفير المياه، منها المياه المحلاة، وهي ذات تكلفة مرتفعة، حيث تنتج الإمارات 14 % من المياه المحلاة في العالم، وهي بذلك تعد ثاني أكبر منتج للمياه المحلاة بعد المملكة العربية السعودية، كما يتم الاعتماد أيضاً بشكل كبير على المياه الجوفية، بالتوازي مع توعية الأفراد، حيث أطلقت الدولة الإمارات، العديد من البرامج التي تحث الأفراد على الترشيد في استخدام المياه.

ويسهم برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار في إحياء الدراسات والابتكارات المتعلقة بالاستمطار والتركيز على قضية أمن المياه من جديد، وتعرف تقنية الاستمطار عادة، باسم «تلقيح السحب»، وهي عبارة عن عملية تحفيز السحب لزيادة كميات هطول الأمطار، من خلال رش الأملاح الجاذبة للمياه، مثل كلوريد الصوديوم أو كلوريد البوتاسيوم في السحب، للمساعدة على تكوين مزيد من البلورات الثلجية أو القطرات مائية داخل السحب.

وتحويلها إلى قطرات مطر كبيرة الحجم، ولا يمكن أن تتم عمليات الاستمطار، إلا إذا توفرت الظروف الجوية المناسبة لإجراء عمليات الاستمطار، حينها يمكن لتقنيات الاستمطار أن تصبح معقولة التكلفة، وأن تتحول إلى طريقة فعالة لزيادة مرونة قطاع المياه.

تحولات

ومنذ رواجه المبدئي في أربعينيات القرن الماضي، لم يعد مجال الاستمطار يحظى باهتمام كبير بين أوساط الباحثين، لكن في الأعوام الأخيرة، شهد هذا الموضوع تحولاً جذرياً، في ظل الجهود المتجددة للتغلب على المعوقات التقنية والاستفادة من القدرات الكاملة للاستمطار، بوصفه بديلاً فعالاً لتحقيق أمن المياه، وهنا، يحتل برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، مركزاً محورياً في إعادة إحياء عمليات تلقيح السحب.

ويقدم البرنامج الرائد الذي أُطلق في بداية عام 2015، منحة إجمالية تبلغ قيمتها 5 ملايين دولار، تتقاسمها حتى 5 فرق فائزة، تدفع ضمن مدة زمنية تمتد لثلاث سنوات، ويهدف هذا البرنامج، إلى تطوير أبحاث علوم الاستمطار وتقنياته، لتحقيق المنفعة للمناطق الجافة وشبه الجافة حول العالم، وقد تلقت الدورة الأولى من البرنامج، 78 مشاركة من 325 عالماً من 34 دولة.

وازدادت خلال الدورة الثانية، بتلقي 91 مشاركة، قدمها 398 من العلماء والباحثين والخبراء من 45 دولة حول العالم، لتشمل بذلك مشاركة 15 دولة جديدة. وتعمل الإمارات على تنسيق الجهود الدولية، بهدف وضع قضية الاستمطار على أجندة الحوارات الخاصة بأمن المياه مجدداً.

تعاون بحثي

وقال سفيان فراح الباحث في المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل أنه للحفاظ على زخم الاهتمام العلمي المتجدد في مجال الاستمطار على الصعيد الدولي، تواصل البرنامج مع عدد واسع من الخبراء، لبحث كيفية المساهمة في تطوير علوم الاستمطار، إذ أقام في عام 2015، سلسلة من جولات التعاون البحثي في كوريا الجنوبية وتايلاند واليابان والولايات المتحدة.

إضافة إلى مشاركته في جلسة خاصة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، من أجل التوعية بالمبادرة الإماراتية، وطرحت المبادرة، موضوع تطوير علوم الاستمطار على أساس أن يشكل في المستقبل فرصة مهنية هامة للباحثين والعلماء الشباب والخبراء، على حد سواء، في مختلف المجالات.

قال سفيان فراح، إن برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، يهدف من خلال أنشطته البحثية المستمرة، إلى تطوير علوم وتقنيات وتطبيقات الاستمطار، وتشجيع المزيد من الاستثمار في البحوث المتعلقة بهذا المجال، بما يؤدي إلى زيادة التعاون والشركات الدولية التي تسهم في تطوير البحث العلمي والعمليات الخاصة بالاستمطار، إضافة إلى إيجاد حلول جديدة ومبتكرة في هذا المجال.

ولفت إلى أن البرنامج يسعى إلى تحقيق هذه الأهداف، من خلال 4 سبل رئيسة، تتلخص في الارتقاء بمستوى البحث والابتكار في مجال بحوث علوم الاستمطار، وتطوير الفهم العلمي لتحسين العمليات، وتطوير الأساليب المستخدمة فيها، وتحسين وتطوير القدرات والكفاءات البشرية في هذا المجال، على الصعيدين المحلي والعالمي.

مردود

وأشار إلى أن المشاريع الـ 3 التي حصدت جوائز الدورة الأولى للبرنامج، سيكون لها مردود إيجابي في المستقبل، من حيث تحسين عمليات التلقيح، وزيادة كميات الأمطار، خاصة الفريق البحثي الذي تقوده البروفيسور ليندا، المتخصصة في الهندسة الكيميائية والبيئية في معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا.

حيث يبحث المشروع في استخدام تكنولوجيا النانو لتسريع تكثيف المياه ونموها، بهدف تحسين فعالية التقنيات المستخدمة لزيادة كميات الأمطار، عبر توظيف تقنية النانو، لتقوم محل عمل مواد التلقيح، وهو يهدف أيضاً إلى استكشاف طرق مختلفة لتوظيف المعارف الحالية لتكنولوجيا النانو، من أجل تصميم مواد استمطار جديدة، وجعل تشكل قطرات المطر أكثر كفاءة.

وبين أن فكرة المشروع، تعتمد على جعل الضغط البخاري يستمر بالانحدار حول أنوية التكاثف، حيث تعمل تقنية النانو على توفير هالة ضوئية، نتيجة تأثير التفاعل الكيميائي للأشعة الفوق بنفسجية، والتي تضمن استمرار التكثيف وتحسين عمليات التصادم والتلاحم، وزيادة حجم قطرة الماء إلى أكبر مستوى، بحيث يصعب بقاؤها في الجو، ومن ثم تسقط في صورة أمطار.

تطوير تقنيات الاستمطار لإيجاد حلول مبتكرة

البيان