تحقيقات وتقارير

بعدما دفع بها لوزير الزراعة سمساعة.. وراء (أكمة) الاستقالة ما وراءها…!!


أسهمت النجاحات التي حققها عثمان سمساعة في هيئة حلفا الزراعية الحكومة للدفع به مديراً عاماً لمشروع الجزيرة في العام 2011م، وتولى سمساعة المشروع وكان يعيش وقتها أسوأ حالاته بعد أن ضربت الفوضى الزراعية كل أرجائه وانتشر العطش بكل أقسامه، غير أنه استطاع ان يضع حلولاً للكثير من المشاكل التي يعيشها المشروع وأبرزها مشاكل الري المزمنة، فعمل على توسعة ترعة المناقل، بجانب حل الكثير من قضايا التمويل والتقانة عبر تسخيره مؤسسة الجزيرة للتمويل الأصغر للمشروع، يعيش المشروع خلال الأعوام الأربعة الماضية حالة استقرار لم يشهدها منذ أكثر عقدين من الزمان فتضاعفت الإنتاجية لكل المحاصيل وساهم في إعادة توطين زراعة القمح بالجزيرة بعد أن أشارت بعض الأصوات إلى أن القمح موطنه الشمالية لتجيء انتاجية هذا الموسم بمتوسطات 14.5 جوال قمح للفدان مقارنة بـ 6.7 جوال قمح في كل المواسم ليثبت أن الجزيرة هي موطن لزراعة القمح.. رغم ما يمكن حسبانها بأنها نجاحات للرجل، إلا أنه فاجأ الجميع بتقديم استقالته عن منصبه كمحافظ للمشروع مسبباً لها بعدم القدرة الصحية بعد إجرائه عملية جراحية خلال الفترة السابقة…

ولكن لأن سمساعة دفع باستقالته لوزير الزراعة الاتحادي، رغم ان المعني بالاستقالة رئيس الجمهورية الذي عينه بقرار جمهوري عقب تعديل القانون في العام الماضي، ولوجود بعض الملابسات هنا وهناك، فإن الحديث عن اعتلال الصحة لم يقنع الكثيرين بأنه السبب الحقيقي في تقديم الاستقالة خاصة وأن مجلس إدارة مشروع الجزيرة وبخاصة نائب رئيس مجلس الإدارة والي الجزيرة محمد طاهر إيلا رفضا الاستقالة جملة وتفصيلا.

أُلقي في اليم مغلولاً
واعتبر عمر الشريف المهدي الوزير السابق بحكومة ولاية سنار والمزارع رئيس لجنة متضرري مزارعي شمال الحاج عبد الله سابع دليب أن استقالة سمساعة ربما كانت احتجاجاً على تفريغ منصب المحافظ من صلاحياته لافتاً إلى أن تغيير منصب المدير العام لمشروع الجزيرة إلى منصب المحافظ لم تصاحبه أي صلاحيات وتم سحب تبعية الري لمشروع الجزيرة وتمت إعادته لوزارة الري، وهذا يمثل 70% من العمل الإداري بالمشروع، وخصمت بعض الأشياء وأصبح منصب المحافظ أقل من مدير المشروع سابقاً، بجانب أن غياب اتحاد المزارعين الذي أضعف بدوره منصب المحافظ، وأصبح المحافظ بدون جهة تسنده، موضحاً أن الوالي السابق وحكومته كان لديهم اهتمام بالمشروع غير أن ذلك الاهتمام انتفى في الحكومة الحالية، وأصبح المحافظ يعمل لوحده يواجه كل هذا الكم الهائل من المشاكل وقضايا المزارعين فأصبح كما “ألقي في اليم مغلولاً”، فلا التحالف المعارض والذي يتمتع بجماهيرية كبيرة وصوت قوي يسانده ولا الاتحاد الذي كان يقف معه في الكثير من القضايا ولا حتى حراك أبناء الجزيرة في وقت غاب فيه المؤتمر الوطني عن الدعم، وقال: “بحسب معلوماتي أن الري هذا العام في أضعف حالاته ولم تنساب التدفقات المالية على المشروع”.

أسباب جوهرية
الشريف يرى أن هناك سبباً جوهرياً ربما كان وراء استقالة سمساعة فهو يؤكد أن تأخير الدفعيات المستحقة لمشروع الجزيرة أخرت عمليات الصيانة في المشروع والترع والتي كان من المفترض أن تبدأ في شهر أبريل، ولكنها لم تبدأ حتى هذه اللحظة، لافتاً إلى أن المحافظ اجتهد لكي ينجح موسم القمح، ولكنه ولأسباب خارجة عن إدارته صاحب الفشل عمليات حصاد القمح، لأن الحكومة الاتحادية لم تف بالمطلوبات التي تسهل أمر الزراعة على المزارعين، وأشار الى أنهم كمزارعين غير متفائلين بالموسم الزراعي الجديد، لافتاً إلى أن عوامل نجاحه صعبة للغاية، مشيراً الى أنهم كمزارعين في منطقه شمال الحاج عبد الله تأكد خروجهم تماماً من الموسم الزراعي الثالث، والمزارعون في أسوأ حالاتهم. موضحاً أن المزارعين وضعوا ثلاثة مقترحات لحل مشكلة الرى تنحصر بين الري من بيارة مزيقيلا القديمة، أو أن يكون في ضغط مع السكة حديد والكهرباء، أو أن يعوض المزارعون من الزكاة والمخزون الاستراتيجي وإلا فإن 800 مزارع، 35 ألف نسمة في 18 قرية في مساحة 9000 فدان معرضون للمجاعة، موضحاً أن سمساعة حقق استقراراً كبيراً في بعض المناطق إلا أنه أصبح محاصراً ببعض القضايا مثل تلك القضية التي ظللنا نعاني منها لسنوات عديدة ويجب على الدولة أن تساعده في حلها.

وقت حرج
لكن أمين العلاقات الخارجية باتحاد المزارعين السابق جمال دفع الله يشير إلى وجود عوامل عديدة تجعل من محافظ المشروع زاهداً في منصبه، مبيناً في حديثه للصيحة بأن أبرز تلك العوامل هي غياب التمثيل الشرعي للمزارعين، وعدم توفر الري وأعمال الصيف حتى 15 مايو، وعدم توفر حفار أبوعشرين حتى 15 مايو، وفي وقت كان التنفيذ فيه الموسم الماضي فى نفس الوقت بنسبة 100%، وكانت المياه تنساب داخل المواجر بينما الموقف الحالي يؤكد عدم وجود المياه وانعدام التحضير للزراعة، لافتاً إلى أن سمساعة استطاع فى وقت حرج إدارة دفة المشروع وحقق فيه نجاحات كبيرة، وأشار دفع الله إلى أن نجاح القمح فى الموسم الماضي يعتبر واحدا من أهم إنجازاته كمحافظ للمشروع، وقال إن ذهاب سمساعة سيتعب من يأتي بعده وطالبه بالعدول عن هذه الاستقالة، ومواصلة الموسم الزراعي، مبيناً أن هناك الكثير من المشاكل التي أضحت تواجه المشروع هذا الموسم ومن ضمنها التمويل، والتسويق، بجانب عدم وضوح الرؤية في هذا الموسم، وأثنى جمال على موقف نائب رئيس مجلس الإدارة والي الجزيرة محمد طاهر إيلا لإثنائه عن تقديم استقالته ودعوته له لمواصلة المسيرة.

عدم قناعة
رغم أن محافظ مشروع الجزيرة عثمان سمساعة لم يكن محسوباً على كيان معين من الكيانات التي تتعاطى السياسة داخل مشروع الجزيرة، وكان يتعامل مع اتحاد المزارعين باعتباره الجسم الشرعي الذي يتعامل معه، وكان يمثل المزارعين، إلا أنه لم يسلم من انتقادات التيارات الموجودة داخل الولاية، وعلى رأسها حراك أبناء الجزيرة والذي سبق أن طالب قبل أكثر من عام بإقالته ورشح لذات المنصب ثلاثة من قياداته وعلى رأسهم أحمد الطيب محمد، مدير جامعة النيلين السابق والمدير المكلف الحالي لجامعة المناقل، إلا أن هذه المطالبة وجدت معارضة قوية من قبل العديد من قواعد المزارعين لما لمسوه من جدية ومتابعة للعمل من قبل محافظ مشروع الجزيرة الذي وجد الدعم والسند، ونال ثقة رئيس الجمهورية فيه بعد أن أعاد الثقة فيه وعينه محافظاً للمشروع بصلاحيات أوسع، فالاستقالة المفاجئة لمحافظ مشروع الجزيرة في هذا التوقيت بالذات جعلت الباب موارباً أمام الكثير من التساؤلات، والتكهنات غير أن الجميع بدا غير مقتنع بأن الحالة الصحية هي التي دفعت الرجل للترجل طواعية عن منصبه.

تقرير: يس الباقر
صحيفة الصيحة