منى ابوزيد

هل تؤم المرأة الصلاة ..؟!


«أبوكم آدم سن المعاصي وعلمكم مفارقة الجنان» .. أبو الطيب المتنبي ..!
* أكاد أجزم أن الإجابة التقليدية والسريعة على السؤال المضمن في العنوان أعلاه هي (لا)، وأن معظم الذين أجابوا بـ (لا) في خواطرهم قبل عقولهم أنهم من الرجال، وهذا على كل حال ليس ذنبهم، فالتفكير الرغائبي المتحامل على كل ما يختص بالفتاوى الدينية الخاصة بشئون النساء نهج جمعي شائع..!
بطبيعة الحال يجوز للمرأة أن تؤم النساء في الصلاة السرية والجهرية، وأن تجهر بالقراءة الجهرية دون جهر الرجل، وليس للسؤال علاقة بإمامة المرأة للرجال، ومع ذلك أكاد أجزم ـ أيضاً ـ أن هذا المعنى هو الذي تبادر إلى أذهان بعض النساء ومعظم الرجال الذين لا يستطعون الوقوف على مسافة مقدرة من بعض الأعراف عندما يتعلق الأمر بنص ديني يتناول شأن المرأة ..!
لا بد أن تخرج منهم كلمة، أو تصدر عنهم إيماءة، تستدعي إرثاً تربوياً خاطئاً، ومن يظن بي المبالغة فليتأمل في معظم التفاسير الشائعة لنصوص قرآنية أو نبوية تخص النساء، فكون شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين ـ مثلاً ـ هو في بعض التفاسير الشائعة بسبب طبيعة المرأة التي يغلب عليها الضلال ..!
مع أن الله سبحانه وتعالى ــ والحديث للشيخ الشعرواي رحمه الله ــ قد طلب منا على قدر طاقتنا، أي من نرضى نحن عنهم، وعلل وقوف امرأتين في مقابل رجل بـ (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى)، لأن الشهادة هي احتكاك بمجتمع لتشهد فيه وتعرف ما يحدث فيه تماماً، والمرأة بعيدة عن كل ذلك في الغالب، لأن الأصل في طبيعة المرأة أن لا علاقة لها ببعض الأعمال، وأن ليس لها شأن ببعض العادات ..!
فالأصل في سلوك المرأة التقليدية ـ وفي موقفها الوجودي على وجه العموم! ـ أنها غير مشغولة بجُل تفاصيل المجتمع السياسي والاقتصادي الذي يحيط بها، لذا قد تضل أو تنسى فتذكر إحداهما الأخرى، وتتدارس كلتاهما الموقف، لأنه ليس من واجبها الاحتكاك ببعض التفاصيل، فإذا ما تطلب الوضع شهادتها تكون الشهادة لرجل وامرأتين ..!
وكذلك الحال مع التفسير الشائع لحديث النبي عليه الصلاة والسلام (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)، والذي هو من غير شك حديث خبري، لأن الإنشاء إما أمر أو استفهام أو نهي، والرأي القاطع لبعض العلماء المحققين أن العبرة بعموم الألفاظ لا تكون في كل المواقف على إطلاقها وعمومها، بل لا بد من مراعاة السياق الذي جاء في الحديث، وهو أن الفُرس لن يفلحوا لأن في الأمة من هو أكفأ من بنت كسرى ..!
التفسير المتحامل لذات الحديث يناقض نص القرآن الذي يروي قصة ملكة سبأ التي ولاها قومها أمرهم فقادتهم إلى خيري الدنيا والآخرة بشهادة النبي سليمان وشهادة القرآن، كما وأنه يتناقض حتماً مع نجاحات كثيرة حققتها المرأة .. القاضية .. والسفيرة .. والوزيرة .. في ولاية شئون وشجون المسلمين ..!