عالمية

سيادة الرئيس.. أنت خائن


من قلب مكلوم يستجدي بعض الشفقة، قد يجد من يرؤف بحاله، فليس له بعد الله من عون ولا نصير!

كلمات تخالطها الدموع تستلهم بعضاً من تلك المآسي الضارية حتى خرجت عن صمتها تصرخ في كل ذي قلب وفهم!

مصر التي كتب التاريخ فيها موسوعات ومجلدات، شاهدة على نوائب الدهر على مر العصور والحضارات، شعبها حلقة متصلة تتشابه ظروفهم مهما تغيرت بهم العهود والفترات..

ظنت أنها وجدت من يحنو على شعبها ويأخذ بأيديهم إلى جنة الله على أرضه حتى تصبح “قد الدنيا”، فاختار شعبها رجلاً يرأسهم، فحط التاريخ رحاله عند الرئيس عبدالفتاح السيسي ليكتب عهداً جديداً في ظل حكمه..

1
كان اتهام جماعة الإخوان لعبدالفتاح السيسي بالخيانة، عندما أعلنوها على منصة رابعة يوم 3 يوليو/ تموز عام 2013 بعد خطابه بحضور القوى السياسية والتوافق على عزل مرسي وإلغاء العمل بالدستور وإعلان خارطة طريق، وكان الاتهام بالخيانة وقتها على اعتبار أنه خان القَسَم الذي قرأه أمام الرئيس محمد مرسي عند توليه منصب وزير الدفاع، بأن يحترم الدستور والقانون، وفي نظرهم أنه خان هذا القسم وانقلب على رئيس الجمهورية، مستغلاً الغضب الشعبي في 30 يونيو/ حزيران و، وقوة الجيش.

2
بعد مسلسل تم إخراجه بدراما وحبكة إعلامية، أعلن السيسي ترشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية في تصوير المشهد على أنه استجابة لمطلب شعبي، ولم يتضح البرنامج الانتخابي خلال لقاءاته التلفزيونية، وكانت الانتخابات أشبه بتوقيع جماهيري على بياض بإعطاء منصب الرئيس لعبدالفتاح السيسي، وكان ذلك في نظر البعض خيانة لوعده منذ البداية بأنه قد أقسم بالله أنه لا يطمع في أي شيء كإشارة لعدم نيته في الترشح.

3
كان من الملفات الملحة أمام الرئيس، والتي هوجم كثيراً الرئيس محمد مرسي على إثرها، هو ملف سد النهضة وأزمة انخفاض منسوب مياه النيل، فمصر تمر بأزمة نقص المياه وتلك قضية أمن قومي، ورغم ذلك تتجاهل القيادة المصرية التعامل مع هذا الملف الشائك، وما له من تبعات على علاقات مصر بالسودان، وقضية حلايب وشلاتين، وسيادة الرئيس لم يتعامل مع أمانة الحفاظ على مياه مصر بالشكل الذي تتطلبه القضية، وما زال ملف سد النهضة يتم تناوله بميوعة سياسية لا تنبئ بأي حلول للمشكلة.

4
تتوالى الأحداث ويأتي الملك سلمان في زيارة أسطورية لمصر يتم خلالها توقيع بعض الاتفاقيات من بينها إعادة ترسيم الحدود، وبعيداً عن تفاصيل الاتفاقية، فإن تعامل الرئيس مع تلك القضية جعل البعض يعتبرونها خيانة للرأي العام وخيانة للقانون المصري الذي ينص على ضرورة الاستفتاء عندما يتعلق الأمر بأراض في حيازة مصرية، فهي سيادة وملكية للدولة لا يملك أي شخص أن يتصرف فيها دون الرجوع إلى الشعب، ولكن كان الرد صادماً من الرئيس عند نقاشه لهذا الأمر بأن لا يتكلم أحد في هذا الموضوع مرة أخرى، وأقحم نصيحة والدته في سياق الخطاب قائلاً والدتي أوصتني بعدم التطلع لحقوق الغير، في شأن لا يتفق عقلاً ومنطقاً أن يتم التعامل معه بهذه الكيفية وتلك الكلمات.

5
تأتي أزمة افتعلتها الداخلية باقتحامها لنقابة الصحفيين في انتهاك صارخ للقانون الذي يحرم التعدي على حرم النقابات، لإلقاء القبض على “محمود السقا” و”عمرو بدر” الصحفيينِ الصادر بحقهما أمر بالضبط والإحضار، مدعين في ذلك أنهم ينفذون القانون، ولا تعلو أي جهة على القانون، فيستشيط الصحفيون غضباً وغيرة على نقابتهم، فيخون الرئيس حكمة التعامل مع مثل هذه الأزمة، ويعلن في تحدٍّ غريب لن يستفيد منه أحد، بأنه لا يخاف، متجاهلاً التدخل لحل الأزمة، ومطالبة مجلس النقابة بالاعتذار وإقالة وزير الداخلية، ولا حياة لمن تنادي.

6
وكأن الأحداث على الساحة السياسية تستشيط اشتعالاً، انعكست على الواقع ذاته في حرائق متتالية بأكثر من منطقة حيوية بدءاً من الرويعي ثم الغورية ثم الدرب الأحمر ومبنى محافظة القاهرة، فيتغافل الرئيس عبدالفتاح السيسي عن تلك الحرائق كلها، متناسياً الخسائر الفادحة التي تعرض لها التجار وبعض المواطنين، بل أدت لخسائر في الأرواح، وأثناء حضوره لافتتاح المشروع السكني بمدينة بدر، ينظر إلى السجادة الموجودة بالقاعة، ويتساءل ساخراً لماذا لونها أزرق؟! أين السجادة الحمراء؟! يتبعها بضحكة عالية، ولم يتقدم بالعزاء لمتضرري تلك الحرائق الذين هتفوا من غضبهم “ارحل يا سيسي”.

7
الرئيس يتعامل مع الأصوات المعارضة بمصر على أنهم إما خونة، وإما أهل الشر، ولا ينظر إليهم من منطلق حبهم وإخلاصهم لبلدهم وخوفهم مما تذهب إليه الأحداث المتعاقبة وسلبية التعامل معها بما ينذر بعواقب قد تضر بالرئيس أولاً، ولا أحد ينكر مكانة عبدالفتاح السيسي في قلوب كثير من المصريين، وبالتحديد من كارهي جماعة الإخوان وفترة حكمهم، حتى وإن جاء الأسوأ فلا يشغلهم سوى إزاحتهم عن المشهد السياسي، ويلقون بتهمة التبعية لجماعة الإخوان على كل من انتقد سياسات الرئيس، تلك التهمة التي تأخذ بالمعارض إلى خطورته على الأمن القومي ودعمه للإرهاب وتنفيذه لمخططات تهدم حراك التنمية.. إلخ، والجميع يتناسي أن تعامل الرئيس مع كل هذه القضايا وغيرها بتلك الطريقة يقود الدولة التي أعلن أنها ليست دولة إلى تناحر وصراع بين أبناء الوطن الواحد يكون هو المسؤول الأول عنه.

لقد أعلنتَ قبل توليكَ رئاسة مصر أنك استشعرت خوف المصريين فترة حكم الإخوان، وأن الجيش لا يمكنه التخلي عن الشعب لشعوره بأنه أسير، فماذا وإن كان بعض أبناء نفس الشعب يشعرون بأنهم في أسر سيادتك، تحت سيطرة الحكم العسكري باستقوائه بأجهزة الدولة، والتحكم كيفما شاء في مصائر من يخرج على النص.

عفوا سيادة الرئيس، فمن تم القبض عليهم في عهدك لم يحملوا سلاحاً ولم يروجوا للإرهاب، فعمرو بدر ومحمود السقا ومالك عدلي وفرقة أطفال الشوارع، ليسوا مجرمين ولا إرهابيين، ولكنهم أصحاب رأي وفكر، اتهموك بالخيانة وعارضوا حكمك، مستخدمين حقهم القانوني الذي يكفل حرية الرأي والتعبير السلمي، لأنك لم تحترم القانون، فإن كنت تسعى لإرساء دولة حقيقية، تحترم المؤسسات والقانون، فعليك أولاً تطبيق القانون واحترامه حتى لا تكون أنت الخائن!

 

 

هافغنتون بوست


تعليق واحد

  1. زمان قولنا ليكم السيسى ده .. بدخلكم جحر ام سيسى .. قولتو علينا كفار …

    او كما قال المثل الاولاد بمباوى ( اللى مابيشوفش من الغربال .. يبأأ اعمى )