علوم و تكنلوجيا

الإمبراطورية الخفية لفيسبوك


أصبحت شبكة فيسبوك الاجتماعية تمثل إمبراطورية إخبارية قوية لا تنبغي الاستهانة بها، وذلك بفضل قاعدة مستخدميها التي تزيد على مليار ونصف مليار إنسان، وفق مقال لصحيفة نيويورك تايمز.
ويرى الكاتب روس دوثات أن الخلاف حول فيسبوك ينقسم إلى وجهتي نظر، ترى الأولى أن الشبكة أصبح قوة عظيمة تدفع نحو تجزئة مصادر الأخبار، فهي تقدم الأخبار للمستخدمين من مصادر لا تعد ولا تحصى ومصممة خصيصا وفق ميولهم الفردية، كما تسمح لهم بأن يكونوا مروجي أخبار بأنفسهم وأن يلعبوا دور المذيع كلما أرادوا مشاركة قصص مع “أصدقائهم” وتوفر منصة لأي أحد من أي خلفية أو توجه لبناء جمهوره الخاص من الصفر.

لكن وجهة النظر الأخرى ترى -وفق الكاتب- أن فيسبوك تمثل حقبة جديدة من توحيد وسائل الإعلام، وعودة سلطة المركزية حول كيفية حصول الناس على أخبارهم.

ومن هذا المنظور الأخير فإن إمبراطورية مارك زوكربيرغ (مؤسس فيسبوك) أصبحت بمثابة “مؤسسة إعلامية قوية للغاية” في حد ذاتها، وإن كانت على نحو فعال توكِل مهمة جمع الأخبار الحقيقية إلى هيئات أخرى مثل صحيفة نيويورك تايمز ذاتها، وإن تأثير فيسبوك المحتمل تم إخفاؤه من خلال تعريف الشبكة لنفسها بأنها “مجرد” ملتقٍ أو محور اجتماعي.

“يرى المقال أنه حتى لو كان المستخدم لا يهتم بشكل خاص بالكيفية التي تتعامل فيها فيسبوك مع مصادر الأخبار المحافظة، فإن عليه أن يرغب بأن يتم التحقق من قوة شبكة فيسبوك باستمرار وانتقادها ومراقبتها”

تصادم
وترى الصحيفة أن هذين المفهومين المتنافسين تصادما الأسابيع القليلة الماضية بعدما تبين أن قائمة “المواضيع المتداولة” في فيسبوك يقيِّمها مجموعة من الصحفيين، وليست مبنية فقط على خوارزمية شخصية، وبعد أن كشف “قيِّم” سابق أن القرارات حول أي القصص “متداولة” تتحيز ضد وجهات النظر المحافظة.

وأغضبت تلك الأنباء بعض المحافظين، لكن تجاهلها آخرون ومنهم غلن بيك الذي انتقد زملاءه المحافظين -بعد لقاء جمع زوكربيرغ مع قيادات الفكر المحافظ بمقر الشركة- لمعاملتهم فيسبوك كأنها جناح يساري متصلب بدلا من اعتبارها منصة مفتوحة خدمت العديد من المحافظين جيدا ومن ضمنهم هو ذاته.

هذا الموقف رد عليه الكاتب والمدون المحافظ بن دومينيك بأن فيسبوك ليست فقط منصة مفتوحة، وأن القيمين على أخبارها يجعلون منها تلقائيا بوابة إخبارية مهمة أيضا، ولذلك اعتبر أن من “الغباء أو الجبن” عدم إدراك تحيز فيسبوك.

فمن المحق منهما؟
يرى الكاتب أن بيك محق بأن فيسبوك تختلف عن أي مؤسسة إعلامية سبقتها، وأن النقد التقليدي عن تحيز وسائل الإعلام لا ينطبق تقريبا على ما تفعله الشبكة.

لكنه يرى أيضا أن دومينيك محق أيضا بأن “امبراطورية” زوكربيرغ ما تزال بحاجة لرقابة يقظة وانتقادات صارمة. فرغم أن أي تحيز لفيسبوك قد يكون على الأرجح دهاءً، لكن لأن هناك العديد من الناس يعيشون فعليا “داخل” بنيتها على الإنترنت فهناك قوة في دهاء الشبكة الاجتماعية لا يمكن أن تجاريه على الإطلاق أي صحيفة أو قناة إخبارية.

ويختم المقال بأنه حتى لو كان المستخدم لا يهتم بشكل خاص بالكيفية التي تتعامل فيها فيسبوك مع مصادر الأخبار المحافظة، فإن عليه أن يرغب بأن يتم التحقق من قوة فيسبوك باستمرار، وانتقادها ومراقبتها، ليس فقط من أجل سياسات المستخدمين وإنما من أجل أنفسهم.

الجزيرة نت