مقالات متنوعة

مؤمن الغالي : ونسة مع شباب المؤتمر الوطني (2و3)


ونسة مع شباب المؤتمر الوطني (2)
وما زلنا وما زالت (ونستنا) مستمرة مع الأحبة (الأخوان) من شباب المؤتمر الوطني (فريق الشباب) بقيادة الربان والكابتن حامد ممتاز وبقية صحبه الميامين.
ودعوني أقرر أني سعيد غاية السعادة.. بهؤلاء الشباب وهم يقودون المؤتمر الوطني.. رغم أني والمؤتمر الوطني خطان متوازيان لا يلتقيان إلا على كراسة بليد.. ولكن أن يحل هؤلاء الشباب مكان ومواقع شيوخهم من الحمائم والصقور أو الحرس القديم الذين كتموا أنفاسنا و(قطعوا نفس خيل القصائد).. وبالمناسبة يا ممتاز.. ويا ياسر ويا الفاضل النيل.. ويا كل شاب يتفجر فيه دم وفتوة الشباب.. بالمناسبة لماذا ذاك العداء وتلك الكراهية بلا حدود لكل مبدعي هذا الوطن الجميل؟.. لماذا نتحسسون مسدساتكم أو (كلاشاتكم) كلما جاءت ذكرى هاشم صديق.. لماذا يركبكم جن أحمر عند كل ذكرى للراحل مصطفى سيد أحمد الذي ناصبتموه العداء حياً وميتاً.. ولا زلت أذكر في أسى وأسف وحزن على هذا الوطن.. كيف كان وكيف أصبح ومجموعة من شبابكم (الحكومية) (تفرق) ليلة تأبينية لمصطفى في نادي الموردة.. جماعة منكم تبعثرنا في كل ساحة في كل طريق وكأن مصطفى ومن (قبره) ذاك في (ودسلفاب) سيقود تظاهرة هادرة لتقويض الإنقاذ.. لماذا تستعدون الجلالات وتعلنون الجهاد عند كل حفلة جماهيرية كعركي.. وبالمناسبة قبل أيام خلت كرمت الحكومة الكندية الرائع أبو عركي البخيت بأرفع وسام في البلاد إجلالاً له وعرفاناً لفنه وموسيقاه وليس لأي أمر سياسي ما زال يعشعش في رؤوسكم.. والله أنا في حيرة من أمري.. بل أنا أشعر بالدهشة والعجب.. كيف لفنان تكرمه دولة مغسولة شوارعها بالجليد ونفس هذا الفنان لا يستطيع الغناء لشعبه.. وفي بلاده.. مما تخافون.. هل تخشون من احتشاد الجماهير الخرافي في حفلات عركي الجماهيرية؟.. ألم تقسموت بالذي رفع السماء بلا عمد أن حزبكم هو حزب الأغلبية والجماهيرية.. كيف وأنتم ترددون صباح مساء وتملأون الفضاء بالقسم المغلظ أن معظم شباب الوطن من حزبكم.
أحبابنا ممتاز وصحبه.. أنا أعلم علم اليقين بأن الحرس القديم الذي غادر مواقع المسؤولية بحمد الله وشكره.. كان يعتبر وهذا شيء متأصل فيه وفي ثقافته.. أن الغناء والمزمار والطبل والقيثار والناي هو من عمل الشيطان ومن أفعال إبليس.. لذلك لم نشاهد أو(نسمع) طيلة حياتنا بأخ مسلم مطرباً ولا عازفاً للعود ولا صادحاً بالناي ولا ضابطاً للإيقاع ولا ماهراً في (البنقز).. بل لم نشاهد حتى في ملاعبنا الرياضية بكل وجميع ضروبها لاعب كرة قدم أو سلة أو طائرة (أخ مسلم) ولكن ماذا عنكم أنتم.. هل تواصلون في نفس الطريق.. طريق شيوخكم ذاك الذي يحتفي بالموت وكل الدنيا تحتفي بالحياة.. أم أنكم سوف تنفتحون على هذا المجتمع الأنيق الذي (يمدح) و(يغني) و(يعرض) ويرقص على أضواء الكهارب وأنوار الرتاين؟.. وبكره نتلاقى

ونسة مع شباب المؤتمر الوطني (3)
الأحبة “الأخوان” من شباب المؤتمر الوطني.. لكم الود والاحترام والسلام.
ومازال زوقنا ينزلق خفيفاً في نهر “الونسة” التي نأمل أن تتحول إلى خير عميم يتدفق على الوطن.. ولا بأس أن نذكركم بما فعل شيوخكم ليلة إعصار الإنقاذ وكيف إنها قد أتت خيول مجنونة مالهن قوائم دهست لوحات فاتنة كانت تضيء جنبات الوطن في روعة وإبهار.. نعيد لكم تاريخاً مرعباً متوحشاً ونأخذكم إلى تلك الأيام المفزعة التي عشنا تحت لهيب نارها التي كانت لها ضرام.. أنا واثق أنكم لمن تتذكرون شيئاً من تلك الأيام.. فقط لأنكم الآن في فجر الصبا وفي عنفوان الشباب وإذا طرحتم ستة وعشرين عاماً من أعماركم ترتدون إلى عمر هو إلى الطفولة أقرب.
وتندلع “ثورتكم” ثورة الإنقاذ.. وتهب على الوطن رياحاً وأعاصير دونها صرصر العاتية.. يعتقد شيوخكم وكل الحرس القديم أنهم إنما جاءوا لنشر الفضيلة و “كنس” الرزيلة من هذا الوطن البديع.. اعتقدوا في يقين وتيقنوا في تصميم أنهم قد وجدوا هذا الوطن و “أهله” وطناً متهتكاً متفسخاً لا يصحو ولا ينام إلا على الغناء ورزيم الطبل ورنة العود وأنيق الكلمان والناي.. جاء مولانا الطيب مصطفى وتسلم “رسن” التلفزيون.. ثم أخرج سكيناً لامعة حادة الحواف من درج مكتبه ثم “تكى” مكتبة الغناء وراح يذبح كل أشرطة الغناء وجرى الدم أنهاراً من جراء تلك الذبحة وتسلل من بين الشقوق.. استعان مولانا الطيب بمطربين “مغمورين” أو فاشلين أو منافقين وعدوا له الذبائح فنحرت كل أغنية تحمل كلمة “ الكأس” في أحشائها.. نحرت “كسلا” وذبحت القبلة السكرى واغتيلت كل أغاني صلاح محمد عيسى الذي كان يردد ساخراً إن كل أغانيه قد أعدمت ولم يتبقَ له غير “رمية” واحدة.. حتى أغنية الراحل سعد الدين إبراهيم “العزيزة” قد طالتها سكين الذبح.. فقط لأن أحد المطربين الفاشلين والذي فشل في أن يكون له جمهور حتى من ستة معجبين.. فقد أوصى هذا الرجل إيقاف أغنية “العزيزة” بدعوى أن هناك كلمات في الأغنية تقول.. سلمى على ضفايرك موجه.. موجه وكلميها..
فقد قال الرجل في “بلاهة” يحسدها عليه “أبلد” معتوه إن هذا الغناء يخاطب “بت غير متحجبة” ويالبؤس التفكير المهم إن تلك المذبحة أصبحت من الذكريات.. وأن صبحاً قد أشرق على الوطن.. وأن تلك الحقبة الحزينة قد انطوت.. وأن خيول الإنقاذ قد عاد لها الهدوء والوقار.. وأن كل أولئك الغلاة والمغالين قد ترجلوا من صهوات الجياد.. وإنكم الآن تمثلون الطبقة الثانية من الإنقاذ.. وإن فرصة تاريخية تنتظركم وإن سطراً في كتاب التاريخ يناديكم أن تكتبوه.. وإن التاريخ وعجلته الهائلة لن توقفها القرارات العنترية والمغالاة والسباحة عكس التيار.. نتنظر منكم أن تتصالحوا مع الشعب.. واعلموا أن الإنقاذ عندما جاءت لم تجد الأمة متحلقة حول أصنام هبل ونسرا.. وإن الانقاذ عندما جاءت لم تجد الناس في دار الندوة.. وإن الإنقاذ قد وجدت الدين الإسلامي محتشداً في الصدور وراكزاً في تربة وطن عرف الإسلام قبل ألف وأربعمائة عام وتزيد..
ومع السلامة.