مقالات متنوعة

امام محمد امام : قانون الصحافة والمطبوعات بين التعديل والالغاء


أثار قرار الدكتور عوض الحسن النور وزير العدل بتشكيل لجنة برئاسة الأستاذ فضل الله محمد رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحافية، بشأن مراجعة وإجراء بعض التعديلات على قانون الصحافة والمطبوعات الصحافية لسنة 2009م، ردود فعل متباينة، وجدلاً واسعاً، لدى الكثير من الصحافيين وبعض القانونيين والمهتمين بقضايا الحريات الصحافية، إذ يرى بعضهم أن هناك ضرورات استدعت التفكير في إجراء بعض التعديلات على القانون، لا سيما أن بعض فصول هذا القانون فرضتها شراكة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان، إنفاذاً لاتفاقية نيفاشا، فقد نص المشروع في الفصل الثالث، المادة »19» المتعلقة بتعيين الأمين العام ومهامه واختصاصاته، «يعين رئيس الجمهورية بالتشاور مع النائب الأول أميناً عاماً للمجلس من بين أعضائه، ويُحدد مخصصاته، ويكون بحكم منصبه مقرراً للمجلس ومنسقاً لأعماله». فأحسب أن هذه المادة وُضعت لكسب ثقة رئيس الحركة الشعبية، باعتباره النائب الأول للرئيس عند صدور القانون، ولإضفاء صفة مشاركته الفاعلة في اتخاذ القرار الرئاسي آنئذٍ. مما يؤكد ضرورة استصحاب مثل هذه الأمور عند إجراء التعديلات المرتقبة، كما أن هذه المادة في القانون تدل على أنه أصبح غير مواكب للمستجدات في الخريطة السياسية السودانية. ويذهب هذا البعض الى ان تعديل هذا القانون قد يؤسس نصوصاً خاصة بتمكين الحريات، اضافة الى اضعافه لدور المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحافية في تعزيز الحريات، وضمان ترقية الأداء المهني والمحافظة على سلوكيات مهنة الصحافة، إضافة الى دوره الرقابي في محاربة التفلتات، والتخلي عن أشراط واشتراطات المهنية ومعاييرها، بينما الآخرون يرون أن الحكومة تبتغي من تعديلات هذا القانون الاعتساف من حريات الصحافة والتضييق على الصحافة والصحافيين، لأنه ليست هناك قوى موازنة سياسية عند صدور قانون الصحافة والمطبوعات الصحافية لسنة 2009م، إشارة لما كان من لجاجة ومشادة بين المكونين الرئيسيين للحكومة انذاك «حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية»، فكان القانون بمثابة توافق وتراضٍ بينهما، فلذلك هذه الموازنة والمواءمة السياسية ستكون غائبة عند إجراء التعديلات المرتقبة لهذا القانون. اخلص الى ان ما يثار حول تعديلات هذا القانون، فيها قدر من التوقعات التي تشكل عند البعض رجاءات منتظرة، وعند الآخرين مخاوف ومحاذير ولجاجة، عليه لا ينبغي سوى التفاؤل الحذر، والنأي عن الاشتطاط في التشاؤم الخطر، حتى يخرج هذا القانون من تلكم اللجنة مبرأً من كل العيوب. وفي رأيي الخاص، أن تسعى هذه اللجنة سعياً حثيثاً إلى تنظيم السمنارات والندوات والملتقيات، لمناقشة الكثير من القضايا التي ينبغي ان تعالجها التعديلات المرتقبة، من خلال إشراك عدد كبير من الصحافيين، ومشاركة بعض القانونيين المهتمين بشأن الحريات الصحافية والحريات العامة، لنحصل على قانون يلبي الطموحات ويحقق الحريات ويحفظ الحقوق، ويكون حارساً أميناً ورقيباً على ترقية الأداء المهني الصحافي، ومانعاً للتفلتات والملاسنات ومفارقة أخلاقيات المهنة وسلوكياتها، درءاً من تدخلات غير مرغوبة لدى كثير من الصحافيين، اقتناعاً منهم بأنهم بقليل جهد وقانون رادع، يمكنهم تنظيم مهنتهم، وعزل من يسيئون إليها، جهلاً أو عمداً. وعلى هذه اللجنة الاسترشاد بمخرجات هذه السمنارات والندوات والملتقيات والمناقشات في اعمالها، والاستفادة منها في تعديلاتها. فلا نُكثر من التشاؤم ولا نفرط في التفاؤل، بل يعمل الصحافيون جاهدين لتهيئة بيئة صالحة للنقاش الموضوعي والحوار الهادف، وأن تجتهد المنظومات الصحافية في هذا الاتجاه، والاتحاد العام للصحافيين السودانيين المسؤول عن الصحافي الفرد حقوقاً وواجبات، والمؤسسة الصحافية، بيئة وحرية. ولتسارع هذه المنظومات الصحافية في تحقيق كل ذلك، قبل صدور تعديلات القانون أو إلغائه بقانون جديد، وعند ذلك سنقول لمعشر الرسلاء والرسيلات الصحافيين والصحافيات، لات ساعة مندمِ.