تحقيقات وتقارير

عثمان حسين .. فنان الشجن ..!!


يعتبر أحد المجددين في الأغنية السودانية المعاصرة من خلال إحداث تغيير في وتيرة الميلودي والمقامات من خلال إضافة المقدمة الموسيقية الطويلة، كان يتمتع بشعبية وسط جمهور الحضر، عثمان الذي ولد بقرية مقاشي بمنطقة مروي بالولاية الشمالية1927م ، واسمه بالكامل عثمان حسين محمد التوم، والدته السيدة فاطمة الحسن النور كرار، انتقل الى الخرطوم في سن الخامسة مع بقية افراد عائلته، تزوج بالسيدة فردوس أحمد المصطفى وله من الأولاد أربع صلاح وحسن ووداد وسهام.

تفرد:
لم يختلف عن أقرانه في تلك الفترة، حيث تم التحاقه بخلوة الشيخ محمد أحمد ود الفقير بمسقط رأسه بمقاشي، لكنه لم يدرس فيها أكثر من عامين بسبب انتقاله مع أسرته الى الخرطوم في العام 1932م، والتي استقرت بحي ديم التعايشة بالخرطوم، التحق بمدرسة الديم شرق الاولية، لكنه لم يوفق في الدخول الى المرحلة الوسطى، عمل في حياكة الملابس ( ترزياً) بمحل محمد صالح زهري باشا جوار نادي العمال في وسط الخرطوم، والتي برع فيها، لكن المهنة لم تستهوي الصبي عثمان بقدر ما استهوته الموسيقى، فكان يذهب في أوقات فراغه إلى مقهى العيلفون ليستمع من (مذياع ) إلى أغنيات كبار المغنيين السودانيين التي تبثها الإذاعة السودانية، أمثال خليل فرح وسرور وكرومة وعائشة الفلاتية والكاشف، وبسبب امتعاض صاحب المحل من اهتمام عثمان بالموسيقى والغناء أكثر من العمل، اضطر أن يؤسس له والده مكاناً خاصاً به، بدأ عثمان مسيرته الفنية عازفاً على آلة العود في فرقة الفنان عبد الحميد يوسف الذي يعتبره أستاذه الأول، وفي العام 1947م انضم إلى مطربي الإذاعة السودانية، اتيحت الفرصة لعثمان لتسجيل أغنياته وبثها عن طريق الإذاعة السودانية من خلال شقيقه طه حسين، وكان يعمل آنذاك في مطبعة (ماركوديل) وسط الخرطوم ، استطاع عثمان في بداية الخمسينيات من القرن الماضي أن يجذب بفنه وموسيقاه إهتمام قطاع واسع من جمهور المثقفين الذين كان يُطلق عليهم حتى وقت قريب اسم الأفندية، الغريب المدهش الذي تفرد به هو اختيار الموسيقى واللحن أولاً ومن ثم إيجاد النص، ليخالف بذلك العادة السائدة عند الفنانين حتى ولو كان ذلك عن طريق تأليف نص جديد يتواءم مع اللحن المعد سلفاً، ولعل أبلغ مثال لذلك أغنية يا ناس لا لا، التي قام بتأليف نصها الشاعر عبد المنعم عبد الحي بعد أن زاره عثمان بمنزله بالخرطوم بحري طالباً منه نصاً يتناسب مع لحن كان يدندن به وهو يقول لللا لا ..للا لا لللا ..لا).

فنان شامل:
يقول عنه البروفيسور علي شمو في حديث لـ(آخر لحظة) إنه رجل منضبط وأخلاقه عالية، استطاع أن ينتزع احترام كل من زاملوه ، ورجل يختلف عن أبناء جيله الذين ظهروا في نهاية الاربعينيات، فهو ملحن ممتاز ويهتم بالموسيقى وتجديدها، فقد كانت بداياته مختلفة، حيث بدأ عازفاً على العود و(ترزي) مما جعله لا يقتات من الغناء وإنما تعامل معه كموهبة.
أما الفنان سيف الجامعة قال: وقد كان يستعد لإحياء حفل غنائي بالحي الذي نشأ فيه عثمان حسين بأنه صاحب فضل على الموسيقى السودانية وطور الكثير منها، ويضيف رغم أن تعليمه لم يتجاوز المرحلة الأولية، إلا أن الغابة التي عاش فيها من أدباء ومثقفين جعلت منه فناناً شاملاً ومؤسساً.. تغنى لعدد من الشعراء منهم الجنرال عوض أحمد خليفة، والسر دوليب، ومصطفى سند وصلاح أحمد محمد صالح وحسين بازرعة،

موسيقى تصويرية
الكاتب الصحفي مؤمن الغالي قال إن عثمان حسن يمثل أحد أعمدة الغناء الحديث، ووصفه بالمثقف والمهذب والرزين والمحترم للغاية، وكان من الذين جعلوا قيمة للفنان واجبروا الشعب لاطلاق لقب أستاذ على المطربين، بعد أن كان الفنان ينظر إليه وكأنه (شماسي) وتغنى للشاعر الكبير حسين بازرعة ، ويعتبر الفنان الوحيد الذي كان يقيم ورش لمجموعة من العازفين لأخذ رأيهم، تغنى بالفصحى، وأدخل الموسيقى التصويرية في بعض الأغاني وخاصة أغنية (محراب النيل) بصورة أدهشت كل من استمع لها، والتي أشادت بها المطربة الشهيرة ام كلثوم، ويواصل بـأنه مثل حلقة وصل بين الغناء الحديث والحقيبة.

جوائز:
حصل في العام 1975م على وسام الفن والأدب من قبل الدولة، وفي العام 1999م نال وسام الاوبرا من جمهورية مصر العربية، وفي العام 2005م نال وسام الجدارة وتم تكريمه من قبل جامعة النيلين بالدكتوراة الفخرية في العام 2000 انتقل في السابع من مايو من العام 2008م الى الرفيق الأعلى بعد عمر حافل في مجال الفن، مقدماً نفسه وفنه كمدرسة متفردة .

رسمه : عمر دمباي
صحيفة آخر لحظة