الصادق الرزيقي

هل أمامنا فرصة؟


نكتب هذه الكلمات قبل موعد لقاء السيد رئيس الجمهورية مع آلية (7+7) المقرر التئامه منتصف نهار أمس، لتسليم مقررات ونتائج الحوار للرئيس ومناقشة عقد الجمعية العمومية للحوار، وبين يدي هذي التحركات تبقى جملة حقائق موضوعية لابد من النظر فيها، فالحوار لم يعد شأنا سودانيا فقط، فكثير من القوى الدولية والإقليمية تتابع مجرياته وتطوراته، باعتباره مخرجا آمنا لبلد مثل السودان كان يمكن أن يقع في مستنقع الصراعات والمواجهات الدامية لحل الخلافات السياسية كما حدث في بلدان جوار السودان مثل ليبيا وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى، وكما هو كائن اليوم في اليمن وسوريا والعراق أو تبلغ فيه حالة التأزم مرحلة تسيل فيها الدماء وتمتلئ السجون كما هو الحال في بعض الدول العربية التي تعاني الانقسامات والصدامات وانفراط الثقة بين الحاكم والمحكوم . > من يلامس ويقرأ الطقس السياسي هذه الايام في بعض العواصم الاوروبية بشأن السودان، يلحظ أن الاهتمام بقضايا الداخل السوداني خفت وتراجعت الى حد كبير، ولم تعد الحكومات الاوروبية خاصة في دول مهمة مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تحفل كثيرا بتوفير أي دعم سياسي للمعارضة السودانية بشقيها السياسي والعسكري. > وحسب معلومات دقيقة من مصادر دبلوماسية وصحفية هنا في باريس، فإن الحوار الوطني مهما كان التباين في تقييمه فهو عند الأوروبيين أفضل ألف مرة من اللجوء لحمل السلاح لمعالجة قضايا الاختلاف والتفاوت التنموي والحنق الجهوي ونوع وحجم المشاركة السياسية. > فالحكومات الغربية ليس الناشطين والمنظمات غير الحكومية التي لا تتعامل مع الواقع, إنما تأخذها «الأجندات» السياسية والمواقف المسبقة وسوء التقديرات والقصد والكيد الى تبني مواقف المعارضة دون النظر بعمق الى القضايا في جوهرها الحقيقي وتأثيراتها الجيوسياسية على المنطقة والمصالح الحيوية للبلدان الأوروبية في القارة الافريقية والمنطقة العربية . > من الملاحظ أن ظروفا خاصة تتصاعد أحيانا لتصنع موقفا سياسيا غير دقيق أو محدد، فعلاقة الخرطوم مع باريس مثلا ثابتة حتى اللحظة، لم تتطور الى أعلى أو تتقدم خطوات للأمام بين الحكومتين، فهي ثابتة في مكانها لم تنحدر الى الاسفل، فكل نشاط المعارضة السودانية في باريس والاجتماعات التي تتم لعب فيها دبلوماسي فرنسي يعمل في وظيفة مرموقة بوزارة الخارجية الفرنسية متزوج من سودانية من إحدى مدن شرق السودان دورا كبيرا كشخص وليس كمنصب له موقع في الخارجية الفرنسية في تسهيل دخول المعارضين السودانيين الى الاراضي الفرنسية وحصولهم على التأشيرات وعقد اجتماعاتهم في باريس.. > ولم يحاول الالتقاء بهم في مكتبه أو داخل الخارجية الفرنسية، ويقوم بتنسيق العمل في الخفاء مع بعض المنظمات غير الحكومية الداعمة للنشاط السوداني المعارض وتوفير الدعم المالي، مع أن ذلك لا يعفي الحكومة الفرنسية غضها الطرف عن نشاط كهذا، إلا أن استغلال ما يسمى بالحرية في النشاط غير الرسمي والجلوس مع أي كان خارج دولاب الحكومة وتنسيق لقاءات مع ناشطين مع أي معارضات في أي بلد، لابد من إعادة النظر في شأنه للتعقيدات المترتبة عليه في العلاقات بين الأطراف الدولية . > رغم وجود تعاون بين السودان وفرنسا في مجالات مكافحة الجريمة والاتجار بالبشر ومحاربة الإرهاب والتنسيق في بعض الملفات المتعلقة بأفريقيا جنوب الصحراء خاصة الوضع في تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا، إلا أن انعكاس هذا التعاون في الجانب السياسي غير محسوس أو ملموس، وكان ينبغي على الخرطوم أن تركز على ضرورة توسيع وتطوير هذا النوع من التعاون ليشمل مجالات العلاقة السياسية والعودة الى التطبيع الكامل للعلاقات كما كان في السابق، وتجاوز الملفات الشائكة مثل التزام بعض الدول الاوروبية في إطار الاتحاد الاوروبي بمواقفها الحادة في موضوع المحكمة الجنائية الدولية . > وهناك مساران في السياسة الاوروبية, ففي الوقت الذي يلتزمون فيه بمواقفهم المعلنة من قضايا السودان، فإن خيارهم الوحيد المعلن كذلك هو الإفصاح عن تأييد الحوار الوطني الجاري في الخرطوم وعدم معارضته، وهذا مؤشر لا بأس به ويمكن أن يكون تأييد الحوار الوطني فعالا لو حث الاوروبيون وضغطوا بما فيه الكفاية على المعارضين السودانيين للمشاركة في الحوار بدلا عن مقاطعتهم له, ولا تزال هناك فرصة.