مصطفى أبو العزائم

الدولة (إكس) والإرهاب..!


عندما أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية قبل أيام قليلة تقريرها السنوي عن (حالة الإرهاب في العالم) العام 2005م، وكان كثير من المهتمين بالشأن الاستخباراتي في مجال الإرهاب يتنازعهم الاهتمام بمؤشرات تضمنها التقرير تنذر بشر مستطير، وأخطار عظيمة تهدد حالة (السلم العالمي) إلى جانب (دهشة) كشف عنها البعض لعدم منطقية ما ورد في ذلك التقرير (ص 103) والذي جاء فيه، لقد عملت الولايات المتحدة بشكل تعاوني مع الدولة (X) – إكس – في مجال مكافحة التهديد الذي تمثله القاعدة والدولة الإسلامية في العام 2015م، وقد تضمن التعاون الحد من استخدام الإرهابيين لطرق العبور، والتسهيلات عبر أراضي الدولة إكس.
وأما الدولة – إكس – في ذلك التقرير الأمريكي فهي جمهورية السودان، وهو ما أثار دهشة بعض المراقبين والخبراء والمختصين، مثل الدكتور “بيتر فام” مدير مركز أفريقيا بالمجلس الأطلسي (Atlantic Council) الذي كتب مقالاً تناقلته بعض المواقع الإسفيرية، تناول هذه القضية من منظورين سياسي ومهني، وقال إن التأكيد الذي أوردته الخارجية الأمريكية في تقريرها عن أن واشنطن، تعاونت إلى أبعد مدى مع الدولة – إكس – في محاربة تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية يثير الدهشة إذا عرف قارئ التقرير أن تلك الدولة ما زالت ضمن الدول المدرجة في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإن تلك الدول هي جمهورية السودان!
انتقد الدكتور “بيتر فام” السياسة الأمريكية تجاه السودان، وقال إنها غير متسقة إضافة إلى أنها غير عقلانية، على الرغم من أن واشنطن لديها ملفات مفتوحة مع الخرطوم مثل المخاوف المشروعة بشأن العنف المستمر، ووصول المساعدات الإنسانية والفضاء السياسي داخل السودان، لكن تلك الأسباب لم تكن هي التي قادت الرئيس الأمريكي الأسبق “بيل كلينتون” إلى وضع السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب في العام 1993م، ليبقى حتى تاريخ اليوم.
إذاً ما هي الأسباب الحقيقية التي أبقت السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب؟.. يجيب الدكتور “بيتر فام” عن ذلك بأن الأسباب تعود إلى دعم السودان لبعض المجموعات مثل منظمة أبو نضال، والجهاد الإسلامي الفلسطينية، وحماس، وحزب الله اللبناني، لكن الوقائع تقول إن “أبو نضال” – “صبري خليل البنا” – قد قتل في بغداد عام 2002م، وفق تقارير الخارجية الأمريكية نفسها، ولم ترد أي أنشطة لمنظمة أبو نضال في الوقت الحالي، وهي غير نشطة كما ورد في تقرير حالة الإرهاب الأخير.
ويقول الدكتور “بيتر فام” معلقاً على تقرير الخارجية الأمريكية إن الحكومة السودانية سمحت في فترة ماضية لأفراد من مجموعة المقاومة الإسلامية (حماس) بجمع التبرعات والإقامة في البلاد، لكن في العام 2015م، كما جاء في ص (301) من التقرير، فإن نشاط استخدام المجموعات الفلسطينية (الإرهابية) للسودان قد انخفض.. وإن الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس “بيل كلينتون” بررت اتهاماتها آنذاك بأن السودان كان نقطة تجمع للجماعات الإرهابية، وأنه استضاف زعيم القاعدة “أسامة بن لادن” منتصف تسعينيات القرن الماضي، والذي استضافه الشيخ الراحل “حسن الترابي” الذي كان وقتها رئيساً للمجلس الوطني السوداني، إضافة إلى أنه كان الأمين العام للحركة الإسلامية – كتبها الدكتور “بيتر فام” (الجبهة الإسلامية) لكن الدكتور “الترابي” فقد وظيفته في الحكومة بعد خلافه مع الرئيس “البشير” عام 1999م، ومنذ ذلك التاريخ أصبح “الترابي” من مرتادي المعتقلات حتى وفاته خلال هذا العام، مع الإشارة إلى أن تقرير (حالة الإرهاب) الذي أعدته الخارجية الأمريكية أورد أن دعم السودان لتنظيم القاعدة قد توقف.
مقال الدكتور “بيتر فام” جدير بالمتابعة والقراءة والتعليق لأهمية الموضوع، وأهمية الكاتب الأكاديمية والبحثية وإمكاناته الهائلة في التحليل.. لذلك نحاول غداً أن نقف بإذن الله تعالى عند اعتقال “أمينو صادق” بالخرطوم المتهم بأنه العقل المدبر لتفجيرات (بوكو حرام) عام 2014م، ووقائع أخرى تتصل بدخول السودان كجزء أساسي من مكونات التحالف العربي السني الذي يحارب في اليمن، وحتى اعتقاله “مريد ميزاني” الإريتري الذي اشتهر باسم (الجنرال) والمتهم بأنه أكثر تجار البشر المطلوبين لدى إيطاليا.
اللهم احمنا واحم بلادنا واحفظنا واعف عنا واغفر لنا وارحمنا يا أرحم الراحمين.. آمين..
… و.. جمعة مباركة