مقالات متنوعة

معاوية محمد علي : النجومية (خشم بيوت)


ما أسهل عندنا في السودان أن نطلق الألقاب والأوصاف، وأن نمنح البعض ما ليس من حقه، خاصة في الوسط الفني الذي يصبح كل من يدخله نجماً، ويصبح كل من يظهر في برنامج عالي المشاهد هو فنان، وكل من شارك في برنامج مع الكبار خرج من البرنامج وهو كبير، حتى بتنا لا نفرق بين من هو النجم ومن (السجم) ومن هو الكبير و(الكبير أوي)، وبهذه النظرية أصبحت الخرطوم هي عاصمة النجوم.
هذا الحال نعيشه تحديداً في كل موسم من رمضان، وخاصة مع برنامج (أغاني وأغاني) الذي يتيح فرصة الظهور كامل الدسم لكثيرين، فيصيب بعضهم الوهم، فيخالون أنهم وصلوا إلى سدرة منتهى النجومية، وأصبحوا من القمم السامقة التي لن يطولها أحد، فيخرجون بعد العيد ولسان حالهم (يا الساحة الفنية جاك بلا) أقصد (جاك نجم).
لذلك نقول إن برنامج (أغاني وأغاني) بقدر ما يسهم في عملية التوثيق وتقديم الغناء السوداني بطريقة لافتة وجاذبة بما يختاره من أغنيات ومؤدين، إلا أنه يسهم بطريق مباشر في ضياع الكثير من المواهب الشابة التي تشارك في حلقاته، ونعني المواهب المصابة بهشاشة الفكر وعدم الوعي الفني، والمؤسف أن كثيراً منها هو مشروع نجومية حقيقية تصب في صالح الحركة الغنائية في البلاد.
أعلم أن حديثي هذا سيفسره بعض الجهلاء والدخلاء بقناة النيل الأزرق على أنه استهداف للقناة، وهؤلاء لا يعنونا من بعيد ولا من قريب، إنما يعنينا المشاركون في البرنامج من المطربين والمطربات، الذين نتمنى أن يضعوا حديثنا هذا نصب أعينهم، ويستفيدوا من تجارب سابقة لأسماء لمعت من خلال البرنامج، لكن سرعان ما لفها ظلام النسيان الدامس لأنها لم تستوعب الدرس إلا بعد فوات الأوان، وبعضها ما زال يتخبط في الساحة لا يعرف (كوعو من بوعو)، وآخرون ما زالوا مصابين بـ (الخلعة) التي لم تتح لهم فرصة مراجعة حساباتهم والتفكير بالطريقة السليمة في مستقبلهم الفني، أما الذين ما زالوا يعيشون في دائرة (الوهم) ولم يفيقوا منها بعد، فهؤلاء ما زالوا يدورون في فلك أغنيات سيد خليفة، وابراهيم حسين وغيرهم، ظناً منهم أن تلك الأغنيات أصبحت ملكاً لهم لأنهم قاموا بآدائها في البرنامج، ولأنها فتحت لهم أبواب الشهرة.
خلاصة الشوف:
في العام الماضي قدم برنامج (أغاني وأغاني) مكارم بشير، وهدى عربي ومنحهن جواز المرور للساحة الفنية وحفلاتها، أو بالأصح جواز المرور لعالم الشهرة، لكن السؤال ما الجديد عند مكارم وهدى بعد مرور عام على ذلك الظهور، وما رصيدهما من الأعمال الغنائية الخاصة؟