مقالات متنوعة

اسماء محمد جمعة : الإصلاح بالوعود


مشكلة المؤتمر الوطني في إدارة البلد أنه منذ وصوله لم يحترم مؤسسات الدولة واعتبرها مجرد محلات يملكها في السوق يمنحها لمن يريده وفق مزاجه بمعايير المصلحة الشخصية، ولذلك تدهورت أحوالها وأصبحت اسم على غير مسمى، أغلبها يقف عاجزاً أمام القيام بأبسط مهامه.
وزارة العمل والإصلاح الإداري واحدة من الوزارات التي أصبحت مخصصة للترضيات، في آخر تشكيل منحت لرئيس حزب الأمة الفدرالي دكتور أحمد بابكر نهار، وقد قبلها رغم أنه لا يرغب فيها، فقد قال بلسانه أنه لا يرغب في وزارة العمل، ولكن قذفت به السياسة، أي أنها الموجود الذي أمامه وهو يقبلها دون رغبة، وقال – أيضاً – أنها اسم من غير مسمى، مثل هذا الوزير كيف له أن يصلح؟ لا شك أنه سيذهب ويترك الوزارة كما وجدها أن لم يسوء حالها، وذلك هو حال كل الوزراء، لا يوجد وزير جاءت به كفاءته وخبرته المشهودة.
لن ينصلح حل الخدمة المدنية لهذا السبب وكل ما يستطيع أن يفعله أي وزير يتولى أمرها هو الكلام فقط، ونهار عند مجيئه أعلن عن اتجاه وزارته لتفعيل قوانين المحاسبة وتطبيقها على جميع الموظفين والعاملين على المستوى الإداري بمؤسسات الدولة بغرض حسم الانفلات والتدهور الذي صاحب الخدمة المدنية، ولكبح جماح الإنفلات الذي يحدث بالخدمة المدنية. وأن مشروع الإصلاح في مرحلة تقوية الوزارة نفسها، وذلك بوضع الكفاءات في مكانها المناسب توطئة للانتقال إلى المؤسسات العامة والولايات، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن هو يشكو من عدم قدرته على الإصلاح، ففى شهر مايو الماضي فقط طلب من البرلمان المساعدة.
البرلمان نفسه يحتاج إلى مساعدة فهو مثلهم لا يملك غير الكلام، وقد سبق له وأن وصف الخدمة المدنية بالانحطاط والضعف دون أن يتخذ موقفاً لإصلاحها، ولأن الانحطاط والضعف هي حالة مصابة بها الحكومة نفسها فمن الصعب إصلاح الخدمة المدنية وغيرها –أيضاً- وستظل عبارات الفشل والدمار الشامل المصحوبة بالوعود الكاذبة هي أقصى ما يقدمه كل الوزراء.
رئيس المجلس الأعلى للإصلاح الإداري في الاحتفال بيوم الخدمة -أول أمس- قال: إن الخدمة المدنية الآن تعيش في حالة موت سريري، لذلك رأت القيادة السياسية والتنفيذية ضرورة إصلاحها والنهوض بها، وأن الدولة الآن بصدد إعادة الخدمة المدنية إلى أحسن من سيرتها الأولى وحسم ما أسماه “الهرج والمرج فيها”، كاشفاً عن تكوين لجنة لمراجعة الأجور وشروط الخدمة والتي ستكون وفق الشروط العالمية، هو مجرد كلام لن يتحقق منه شيء، فكم من مسؤول تحدث عن الإصلاح عند مجيئه ثم ذهب وترك الخراب وراءه.
الحكومة وصلت درجة من العجز لم تعد تملك قدرة على الإصلاح إلا بالوعود الكاذبة، فإلى متى ننتظرها؟ وقد استوفت كامل شروط التغيير.