تحقيقات وتقارير

زيادة المرتبات ..تطاول الحلم


فجوة كبيرة بين المرتبات و متطلبات المعيشة يعاني منها كثير من الموظفين و العاملين بغالبية المؤسسات ،أدت إلى اتساع رقعة الطبقة الفقيرة في المجتمع بحسب الدراسات الإحصائية بالبلاد ، و جاءت تصريحات المسؤولين في الآونة الأخيرة محلقة حول هم (قفة الملاح) و بحث طرق تخفيف الضغط على المواطن ، فكل مراقب لأوضاع السوق يكتشف أن متطلبات المعيشة أصبحت تساوي أضعاف المرتب ، حتى أصبحت مقولة ( المرتب بيخلص يوم خمسة في الشهر) عادية بين أوساط موظفي المؤسسات العامة و الخاصة.

* خطوة اتحاد العمال:
قام اتحاد عمال السودان بتقديم شرح وافٍ عن أدائه للنائب الأول ، وماتم بشأن إنفاذ توجيهات الرئيس المتعلقة بتحسين أجور العاملين بالدولة لتتساوى مع تكلفة المعيشة ، كاشفاً عن وعود من وزارة المالية بالوصول إلى مرتب يقارب تكلفة الميزانية في عام 2019، بجانب تعميم التعاونيات بمواقع العمل بجانب إنشاء مؤسسة للتمويل الأصغر خاصة بالعاملين.
*حزمة تساؤلات:
بالرغم من أن التصريحات تبدو مبشرة بعض الشيء إلا أنها تفتح الباب لعدد من التساؤلات أهمها ماهي الآليات التي ستتخذها الدولة لإنفاذ ما صرحت به بسلاسة و يسر؟، و ماذا سيفعل العاملون في كل من عامي (2017-2018) ؟، وهل ستنتظر أسعار السلع إلى 2019 لتتساوى معاها الأجور في ظل معدلات التضخم المتنامية؟.
يعتبر الخبراء أن الحديث عن تحسين مستويات المعيشة بحلول 2019 أمر بعيد و لايمكن للعامل انتظاره, خاصة أن أجره لا يغطي أكثر من 20% من احتياجاته.

* استحالة الانتظار:
ويرى الأستاذ المشارك بجامعة المغتربين محمد الناير أن المالية تحاول المضي في برنامجها الخماسي و تحليل مدى نجاحاته ، مشدداً على ضرورة مراعاة ظروف المواطن المعيشية من خلال تحسين المرتبات إلى الحد الأدنى على الأقل، وكان من المفترض الشروع بتحسينها في النصف الثاني من هذا العام أوعام 2017 كحد أقصى.
و رهن الناير نجاح إجراء تحسين الأجور بإزالة التشوهات التي يعاني منها الاقتصاد حتى لا تأتي الخطوة بآثار سالبة كارتفاع معدلات التضخم ، مؤكداً أن إزالة التباين في مرتبات موظفي القطاع العام و العمل على توزيعها بعدالة ، قد يقى الدولة شر ضخ السيولة لرفع المرتبات ، وأردف أن الأمر مقدور عليه و يحتاج فقط إلى عدالة و إرادة قوية من قبل الدولة.

* كثرة بنود المنصرفات:
قال الخبير الاقتصادي الكندي يوسف إنه في السابق كان جهاز الإحصاء الجهة المسؤولة عن إصدار تقارير كل ثلاثة أشهر تسمى (الرقم القياسي لنفقات المعيشة ) و الذي على ضوئه تتحسن المرتبات ،باعتباره يقيس حزمة من السلع ( قفة الملاح) ، و تابع أنه على الرغم من أن الدولة تدعم بعض السلع كالدقيق و المحروقات و الدواء إلا أنها لا تمثل كل المتطلبات التي يحتاجها المواطن ، فالتعليم و العلاج منذ أن أصبحا بالقيمة شكلا عبئاً على المواطن, و ذلك بجانب منصرفات أخرى كالسكن و النقل و غيرها ، منوهاً إلى أن المجلس الأعلى للأجور أكد أن المرتبات بوضعها الحالي لا تفي بأكثر من 20% من احتياجات الموظف أو العامل.

* مدعاة للفساد:
اتفق الكندي مع الناير في أن الانتظار إلى حين انتهاء البرنامج الخماسي بحلول 2019 أمر غير معقول , خاصة أن التضخم سيستمر و الغلاء لن يتوقف بجانب أن العملة المحلية بدأت تفقد قوتها الشرائية ،و اعتبر أن إنفاذ القرار سيحسن الأجور و لكن بصورة تدريجية ، وقال إنه حان الوقت حتى تسرع الدولة في تحسين الأجور , مشدداً على ضرورة العدالة في تقسيمها، متخوفاً من تفشي الفساد في ظل ضعف الأجور.منوهاً إلى ضرورة الالتفات إلى شريحة المعاشيين التي وصفها بالشريحة المنسية في قرارات الزيادة.
ومن جهة أخرى اعتبر الكندي أن التعاونيات لن تكون أجهزة فعالة في تخفيض الأسعار, و ذلك لأن السلع التي توفرها تأتي في الأصل من أسواق الجملة أي أنها ليست جهة إنتاجية ، كما أنها تضيف تكاليف توفير السلع على الأسعار وذلك لأنها تؤجر المواقع و تعمل على دفع مرتبات للعاملين فيها.

تقرير : أسماء سليمان
صحيفة آخر لحظة