مقالات متنوعة

اسامة عبد الماجد : والي و (مستهبلين)


* اجتمع مسؤولو المخابرات في الأمم المتحدة وقرروا انتقاء فردين من المخابرات من كل دولة ليمثلاها ، فذهبوا إلى أمريكا وأحضروا اثنين من السي آي إي، ومن ثم ذهبوا إلى إنجلترا وأحضروا اثنين من مقر السكوتلاند يارد ، ومن ثم ذهبوا إلى ألمانيا وأحضروا اثنين من مقر الشتازي، وعندما هموا بالذهاب إلى إحدى الدول الشيوعية المعروفة جداً جداً قيل لهم لستم بحاجة للبحث عن مقر مخابراتها فعندما تنزلون مطار هذه الدولة احضروا أول شخصين ترونهما فبالتأكيد هما من المخابرات. * لكن لنحوّر الطرفة, دعنا عزيزي القارئ نبحث عن اثنين من المسؤولين ليكونا بارزين في محفل، شريطة أن تتوفر فيهما روح المبادرة والهمة فقط لا غيرهما.. بصراحة سنجتهد كثيراً للعثور عليهما ، وسيرهقنا البحث رغم وجود العشرات من المسؤولين.
* إلا أنه بالإمكان أن أحدثكم عن واحد وهو والي وسط دارفور الشرتاي/ جعفر عبد الحكم الذي أعلن في منتصف مايو الماضي نقل أنشطة رئاسة حكومة الولاية ، من زالنجي إلى منطقة قولو في قمة جبل مرة والتي تبعد نحو (60 كلم) من حاضرة الولاية ، وبصراحة اعتقد كثيرون أن حديث الشرتاي مثله مثل كثير من تصريحات المسؤولين التي تأخذها الرياح.
* لكن الرجل نفذ الخطوة، وأقام بالعاصمة العسكرية لحركة عبد الواحد نور بأركان حربه وسلمه منذ أكثر من ثلاثة أسابيع .. لم ينتقل عبد الحكم من باب الكسب والدعاية السياسية فقد شرع في إعادة النازحين وعندما ذهب رافقه أكثر من عشرة آلاف أسرة والآن تحركت عشرات الآلاف من الأسر نحو الجبل.
* خطوة قلما تحدث من مسؤول ، ولعل السبب في تلك الهمة والروح الوثابة التي يتمتع بها عبد الحكم أنه رجل إدارة أهلية بل كان والياً ومستشاراً لرئيس الجمهورية قبل سنوات.
* طبق عبد الحكم الدرس الذي استعصى على كثير من المسؤولين استيعابه ناهيك عن حفظه وهو أن القول يتبعه العمل .. كان بإمكان الشرتاي أن يقيم هانئاً في عاصمة ولايته مثل بعض إخوانه الولاة وينتظر التقارير ، لكنه آثر أن يقوم بدوره الحقيقي المطلوب منه.
* يحرس الشرتاي ثغرة مهمة ، فالولاية تحدها غرباً دولة تشاد، وجنوباً جمهورية أفريقيا الوسطى ، ومن هنا تكتسب أهميتها التي ينبغي أن تتعاظم أهميتها تلك لدى المركز ، كما أن منطقة قولو منطقة محورية تربط بين ولايات شمال وجنوب ووسط دارفور.
* درس بليغ من الشرتاي ، لإخوانه الولاة ، فكل ولاية بها منطقة مثل قولو تحتاج للإعمار والتنمية.. واحدة من أسباب تراجع هيبة الدولة هو غياب المسؤول عن موقع الحدث.
* تغير نمط انتظار التقارير في المكاتب ، وماعادت هذه الطريقة العقيمة مجدية ، خاصة في ظل تنامي ظاهرة (المستهبلين) ، من أصحاب ترديد عبارة (تمام سيادتك).