طب وصحةمقالات متنوعة

د.روضة كريز : من أسرار شهر رمضان الصحية


من عجائب القدرة الإلهية في شهر رمضان، أنه مشبّع بالطاقة النورانية والصحية الإيجابية للإنسان، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا جاء رمضان فُتّحت أبواب الجنة وغُلّقت أبواب النار وصُفّدت الشياطين ومردة الجان”. ولا يمكن اجتماع الضّدين في مكان أو زمان واحد منه! الملائكة النورانية والمردة النارية، وهذا الشهر يعتبر فرصة لسمو الروح الطيبة والخفة الجسدية للمؤمن نحو فعل الصالحات والإكثار من الخير والإنجازات، وإن كان صائما خلال النهار، ما يساعد الجسم في تحليل المرض وطرح سمومه خارجا. وهو أفضل فرصةٍ لتفعيل الطاقة الإيمانية للفطرة، والروحية والنورانية للعيش بسلام وعافية، والمحبة في خدمة خلق الله. كما أنه فرصة أخرى لترويض النفس ضد الشهوات خلال العام إلى رمضان القادم. وقد أثبت الفيزيائيين وجود “هالة ضوئية” تقاس على هيئة موجاتٍ ذات ألوان طيفية تحيط بأجسامنا، تختلف شدة ألوانها خلال النهار نتيجة انعكاس الضوء إلى ما قبل الفجر وتصل للأشعة فوق بنفسجية، ويُطلق عليها “النّورانية”.

كما أنه وجدت هذه الهالات بكثافة عالية فوق الكعبة المشرّفة (مركز الطاقة الهائلة في الأرض)، ولها أزمنة كأوقات الصلاة، وفي الثلث الأخير من الليل، وفي شهر رمضان كله، وتكون أعلى كثافة ليلة القدر!

فالإنسان كائن عجيب في أصل خلقته، وقد تحالفت الأرض والسماء في عناصره التكوينية، فهو قبضة من طين أرضي، ونفخة من روح سماوي كما يقول جل الله في علاه “فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي” (الحجر: 29). ولذلك يعتبر الإنسان من دون هذه الروح النورانية كمادة لا حياة فيها. فإذا كان للجسد غذاؤه (الأكل والشرب) ودواؤه من الأرض، فإن للروح كذلك غذاؤها ودواؤها (القرآن الكريم) كما يقول ربنا تعالى “وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا” (الشورى: 52)، ما يجلي هذا النور الإلهي على روح الإنسان لقوله جل وعلا “ولكن جعلناه نورا نهدي به مَن نشاء من عبادنا”(الشورى: 52). لذلك كانت تلاوة القرآن والاستشفاء به منهج الصحابة والصالحين، خاصة في رمضان.

وتقول الأبحاث إنه كلما تقرب العبد من ربه بالعبادة وفعل الخيرات، ازداد شفافية وارتقاء بالنفس عن احتياجات الجسد، لما لها من تأثير قوي على مستوى كفاءة الجسد العطائية والأفكار الإيجابية وحسن الأخلاق.

ويشعر بذلك الكثير من الناس خلال شهر رمضان، أوعند أداء مناسك العمرة أو الحج، وفي صلاة الليل، مثلا. وللصلاة على وقتها المحدد ربانيا، أثر عظيم. فهي تعيد شحذ الطاقات العطائية، وتصفي الأذهان وتُضفِي راحة نفسية وسكينة عالية على العبد، مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام لبلال رضي الله عنه “أرِحْنا بها يا بلال”،
ونرى العكس يحدث في تأخيرها. وخِفة الجسد في العمل كذلك، مرتبطة بهذه الروح النيرة، فتكون الأعضاء بها أكثر فعالية ونشاطا، بينما يكون الجسد خاملا من دونها وثقيل، كما هو أثناء النوم أو الموت مثلا. ونورها ملحوظ على الوجوه الطيبة نتيجة طهارة القلوب والصلاة والأعمال الصالحة “سِيماهم في وجوههم من أثر السجود” (الفتح: 29)، ومصداقا لقول ابن عباس رضي الله عنهما “إن للحسنة ضياء في الوجه ونوراً في القلب”، بينما سموها يزيد في رمضان ويصل ذروته في ليلة القدر بسبب “تنزّل الملائكة والروح فيها” (القدر: 4).
أسأل الله الكريم أن ننالها جميعا بفضله تعالى، ونسأله تمام العفو والعافية.