منوعات

حلم البشر يتحقق.. الفراش الأكثر راحة يأتي من الشمبانزي


أحلام البشر متعددة وليس لها حدود، لكن هناك حلم بسيط لنسبة كبيرة من الناس وهو النوم نوماً هادئاً مريحاً، ويبدو أن هذا الحلم اقترب من التحقق بفضل الشمبانزي.

فقد قام أحد علماء الرئيسيات بابتكار فراش يراعي تَطَوُّر الجنس البشري، ويُحاكي الخصائص الرئيسية للمخابئ الموجودة أعلى الأشجار، ليمنح الإنسان نوماً عميقاً أثناء الليل، وفق تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، الثلاثاء 21 يونيو/حزيران 2016.

بعد أن استيقظ وهو يخالجه شعور غير اعتيادي بالراحة والانتعاش من نَوْمه وسط أعالي الأشجار في غابة شرق إفريقيا، اقتنع العالم الياباني كويشيرو زاما تمام الاقتناع بأنه أنهى رحلة السعي المستحيلة والصعبة المَنال وراء الحصول على النوم المثالي.

بلا وسائد

لم يَكُن هُناك وجود لأي وسائد أو مراتب إسفنجية، فقط فراش بسيط مصنوع من أوراق الأشجار البارِدة المُنعِشَة، وهي مجموعة كالجدائل من القَشّ، من صنع حيوانات الشمبانزي.

بعد مرور عقدين من الزمان على لحظة اكتشافه، يؤمن زاما، وهو زميل يقوم بالبحث في كلية الدراسات العليا لدراسات المنطقة الآسيوية والإفريقية بجامعة كيوتو اليابانية، بأن حيوانات الشمبانزي لديها مفتاح الحصول على الفراش الأكثر راحة.

فراشه المُسَمَّى فراش تطوُّر الجنس البشري، المعروض في متحف جامعة كيوتو اليابانية بمعرض يدور موضوعه حول النوم والذي يستمر حتى نهاية هذا الأسبوع (الأسبوع الرابع من يونيو/حزيران 2016)، هو في حقيقة الأمر ذو تصميم في غاية البساطة الخادِعَة.

سر الراحة

مرتبة الفِراش تتميّز بانخفاض وتجويف في منتصفها، لِمُحاكاة التجويف الطبيعي الموجود في فراش الشمبانزي أعلى الأشجار، وبه مُحِيط مُرْتَفِع قليلاً للرأس والساقين والذراعين.

الفراش مدعوم بإطار مصنوع من سلسلة ورقية منسوجة لضمان الحصول على أقصى درجة من التهوية، بالإضافة إلى 8 أرجُل بها بعض الانحناءات، التي تم تصميمها لجَعل السرير يتأرجح ويهتَزّ في دقّة غير ملحوظة ولا مثيل لها.

قال عالِم الرئيسيات البالغ من العمر 43 عاماً: “السبب وراء كَوْن فراش الشمبانزي بهذه الدرجة من الراحة هو أنه تم تصميمه للإحاطة بالجسم واحتوائه. ولأنه موجود عالياً فوق الأشجار فإنه يتأرجح مع حركة الأغصان. إذ يمكننا القَوْل إنه نموذج لمهد الطفل (سرير الطفل).

وبمساعدة المُصَمِّم الياباني شينيشي ايشيكاوا وإيواتا، وهي شركة مقرها في كيوتو تقوم بِعَمَل الأَسِرَّة منذ ما يقارِب قرنين من الزمان، يخطط زاما لنشر فرحة النوم السليم عن طريق جَعْل فِراش الشمبانزي مُتاحاً تُجارياً في السوق.

ولأن مقاساته تبلغ 1.6 متر في الطول، و1.2 متر في العرض، فإن الفراش يبدو غير مناسِب للأشخاص الأطول قامة، أو أولئك الذين يتململون كثيراً في مُحاولة إيجاد الوضع الأكثر راحة للنوم.

الأقدام في الهواء

ولكن طبقاً لما قاله زاما، فإن هذا المشكلة لا تواجه حيوانات الشمبانزي، والذين يتمتَعون بنوم هنيء، ودون الكثير من الحركة إلى حد كبير، حتى أنهم يقومون في بعض الأحيان بالنوم وأقدامهم في خارج فراشهم تتأرجح في الهواء.

قال زاما الذي قرر أخذ قيلولة في فراش أحد حيوانات الشمبانزي في محيط جبل ماهالي بتنزانيا أثناء القيام برحلة استكشافية عام 1999: “مُجَرَّد القَوْل إنها مريحة، هو أمر غير كافٍ. الحقيقة أنها أزالت كافة التوترات عن عضلات جسمي، بطريقة غير اعتيادية لا تقدِر الأسِرَّة الاعتيادية على فعلها، وهذا هو أثر الاستلقاء على شيء ما، يأخذ في الاعتبار التكوين الطبيعي للجسم، وهذا هو السبب وراء نوم حيوانات الشمبانزي بالطريقة المريحة التي ينامون عليها”.

قرر زاما تصميم نسخة من هذا الفراش أثناء صيف حار جداً في اليابان منذ بضعة أعوام مضت.

4 ملايين عام

وقال: “كان الجو حاراً وفي غاية الرطوبة، وكنت أجد صعوبة شديدة في النوم، وتذكرت حينها كيف كان فراش الشمبانزي بتنزانيا في غاية البرودة والانتعاش”.

وأضاف قائلاً إن أغلب الاعتقاد كان يرجح أن أسلاف الإنسان الذين يشبهون القردة، كانوا ينامون في أسرّة أعلى الأشجار منذ أكثر من 4 ملايين عام مضت. “واستناداً إلى تلك المعلومة، فإننا الآن بهذا الفراش، وكأننا ننام في أسرّة أجدادنا”.

اليابانيون الأقل نوماً

احتمالية وجود فراش يقوم بتحسين فرص الحصول على نوم عميق أثناء الليل يجب أن يكون شيئاً مُرَحَّباً به في اليابان. وفقاً لاستطلاع رأي عن غرف النوم أجرته مؤسسة النوم الوطنية الموجودة بأميركا، قال ثلثا من تم استطلاع آرائهم من اليابانيين إنهم ينامون لمدة أقل من 7 ساعات أثناء الليل، مقارنةً بـ35% من الأشخاص في الولايات المتحدة، و39% من الأشخاص في بريطانيا، و30% منهم في كندا.

وطبقاً للمؤسسة، فإن العمال في اليابان، ينامون متوسط عدد ساعات يبلغ 6 ساعات و22 دقيقة في ليالي العمل، وهي نسبة أقل من نظرائهم في البلدان الأخري التي تم استطلاع الرأي فيها.

ولا عجب في أن 54% فقط ممن تم استطلاع آرائهم في اليابان قالوا إنهم يشعرون بأنهم يحصلون على نوم جيد كل ليلة، أو تقريباً كل ليلة. العمال في بريطانيا يحصلون فقط على 27 دقيقة زائدة، بإجمالي 6 ساعات و49 دقيقة، لكن العمال في كندا، والمكسيك، وألمانيا، على الأغلب يحصلون على أكثر من 7 ساعات من النوم، وفقاً للاستطلاع ذاته.

قال زاما عن القيلولة التي قضاها أعلى أشجار ماهالي: “مما لا شك فيه أنه كان الفراش الأكثر راحة الذي حصلت عليه في حياتي. وهذا هو ما نحاول تكراره في هذا الفراش، النوم بأقصى درجة ممكنة من الراحة”.

هافغنتون بوست